يا أيها الناس جاهدوا من كفر بالله, وزعم أنه رب من دون الله تعالى وغيَّر أحكام الله عز وجل, وسب نبيه وأصحاب نبيه وأزواج نبيه.
فبكى الناس بكاء شديدًا, وقال في خطبته: «اللهم إن هذا القرمطي الكافر المعروف بابن عبيد الله المدعي الربوبية من دون الله, جاحدًا لنعمك, كافرًا بربوبيتك, طاعنًا على أنبيائك ورسلك, مكذبًا لمحمد نبيك وخيرتك من خلقك, سابًا لأصحاب نبيك, وأزواج نبيك أمهات المؤمنين, سافكًا لدماء أمته, منتهكًا لمحارم أهل ملته, افتراء عليك, واغترارًا بحلمك, اللهم فالعنه لعنًا وبيلاً, واخزه خزيًا طويلاً, واغضب عليه بكرة وأصيلاً, وأصله جهنم وساءت مصيرًا, بعد أن تجعله في دنياه عبرة للسائلين, وأحاديث في الغابرين, وأهلك اللهم شيعته, وشتت كلمته, وفرق جماعته, واكسر شوكته, واشف صدور قوم مؤمنين, ونزل فصلى الجمعة ركعتين وسلم, وقال: ألا إن الخروج غدًا يوم السبت إن شاء الله (?).
وركب ربيع القطان فرسه وعليه آلة الحرب, وفي عنقه المصحف, وحوله جمع من الناس من أهل القيروان متأهبون معدون لجهاد أعداء الله, وعليهم آلة الحرب فنظر إليهم القطان, فسر بهم وقال: الحمد لله الذي أحياني حتى أدركت عصابة من المؤمنين اجتمعوا لجهاد أعدائك, وإعزاز دينك, يا رب بأي عمل وبأي سبب وصلت إلى هذا؟ ثم أخذ في البكاء حتى جرت دموعه على لحيته, ثم قال لهم: لو رآكم محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسُرَّ بكم, وقال في موطن آخر بعد أن أنصت الناس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:123] ثم قال: {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ - قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ - وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:13 - 15].