مرتكزة عند العلماء والفقهاء, وبرز من أعوان صلاح الدين القاضي الفاضل الذي أخذ بيد صلاح الدين نحو تطبيق شرع الله, فعندما تكون القيادة الفعلية في الأمة للعلماء الربانيين والقادة العسكريين الذين ينقادون لأحكام الله يكون النصر حليفهم, ويمكِّن الله لهم ما داموا على نهجه سائرين.
52 - إن الأمة تتفاعل مع قيادتها العملية التي تنزل الأفكار في دنيا الناس, وتعيش بها وتلتف الأمة حولهم, وتقدم لقادتها كل ما تملك, أما إذا كان القادة أصحاب كلام لا فعال, وعقيدتهم ميتة لا تحيي قلبًا, ولا تدفع شخصًا, وجلسوا للتنظير والقيل والقال, فإن الأمة تتمزق وتنشطر وتتفرق ويعم الشتات, وهذا ملاحظ من سيرة نور الدين محمود الذي أقام الإسلام على نفسه, ونزل بنفسه في ساحات الوغى, وكذلك في سيرة صلاح الدين وتلاميذه.
53 - مهما استطال الظلم وامتد وتوسع فلابد من نهاية له سواء تمثل في فرد أو في دولة, وهذه النهاية خاضعة لتقدير الله وفق سنته وقانونه في استدراج الظالمين والانتقام منهم وجعلهم عبرة لغيرهم, فأين حكام العبيديين وأين ملكهم ودولتهم؟
54 - إن الجهاد عندما تقوم به الأمة كلها بقيادة أهل الحل والعقد يعطي أكله بعد حين, وعندما يتصدى لقيادة الجهاد جهال وأنصاف علماء وشباب متحمسون تكون النتائج وخيمة.
55 - إنني أعتبر ما قام به صلاح الدين ونور الدين من أعمال مجيدة ثمرة لمجهود علماء وفقهاء ومربين بذلوا جهودًا عظيمة أخرجت هذا الجيل الذي قضى على دولة العبيديين وكسر شوكة النصارى في حطين, وطهر المسجد الأقصى من أسر الحاقدين.
56 - إن الاهتمام بصفات القادة الربانيين والعلماء العاملين يفيد الأمة في تربيتها الطويلة وإعدادها الجاد لعودة صولتها وجولتها في دنيا الوجود على منهج قويم وتوجيه سليم.
57 - إن هذا المجهود قابل المتواضع للنقد والتوجيه وما هو إلا محاولة متواضعة وبيني وبين الناقد قول الشاعر:
إن تجد عيبًا فسدَّ الخللا ... جل من لا عيب فيه وعلا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين