قال يوسف الوابل في أشراط الساعة تعليقًا على قول ابن خلدون: «ونقول:
لو صح حديث واحد, لكفى به حجة في شأن المهدي, كيف والأحاديث فيه صحيحة متواترة» (?).
قال الشيخ أحمد شاكر ردًا على ابن خلدون: «إن ابن خلدون لم يحسن قول المحدثين: الجرح مقدَّم على التعديل, ولو اطلع على أقوالهم وفقهها, ما قال شيئًا مما قال, وقد يكون قرأ وعرف, ولكنه أراد تضعيف أحاديث المهدي بما غلب عليه من الرأي السياسي في عصره» (?). ثم بين أن ما كتبه ابن خلدون في هذا الفصل عن المهدي مملوء بالأغاليط في أسماء الرجال ونقل العلل, واعتذر عنه بأن ذلك قد يكون من الناسخين, وإهمال المصححين.
وما ذهب إليه محمد رشيد رضا وابن خلدون ومحمد فريد -رحمهم الله- ليس صوابًا, وإنما الحجة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - , والروايات المذكورة في خروج المهدي صحيحة متواترة معنويًا, وهذا يكفي, وأما كون الأحاديث قد دخلها كثير من الإسرائيليات, وأن بعضها من وضع الشيعة وغيرهم من أهل العصبيات, فهذا صحيح, ولكن أئمة الحديث بينوا الصحيح من غيره, وصنَّفوا الكتب في الموضوعات وبيان الروايات الضعيفة, ووضعوا قواعد دقيقة في الحكم على الرجال, حتى لم يبق صاحب بدعة أو كذاب إلا وأظهروا أمره, فحفظ الله السنة من عبث العابثين وتحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وهذا من حفظ الله لهذا الدين.
وإذا كانت هناك روايات موضوعة في المهدي تعصبًا فإن ذلك لا يجعلنا نترك ما صح من الروايات فيه, والروايات الصحيحة جاء فيها ذكر صفته واسمه واسم أبيه, فإن عيَّن إنسان شخصًا, وزعم أنه هو المهدي, دون أن يساعده على ذلك ما جاء من الأحاديث الصحيحة, فإن ذلك لا يؤدي إلى إنكار المهدي على ما في الحديث, ثم إن المهدي الحقيقي لا يحتاج إلى أن يدعو له أحد, بل يظهره الله إلى