وكان ذلك على يد أحد أعوانه المخلصين صلاح الدين الأيوبي.
ويظهر لقارئ التاريخ أن الأمة لا تستطيع أن ترد هجمات النصارى إلا إذا اتحد الشام مع مصر ويكون ما خلفهما من ديار المسلمين ردءًا لهما.
وأما دور الأمة الهجومي لاستمرار عجلة الجهاد والتوغل في أوروبا لا يكون لها ذلك إلا إذا انضم الشمال الإفريقي مع بلاد الشام والديار المصرية.
44 - أجادت الدولة الزنكية في إقامة شبكات أمنية على مستوى أملاكها تتبع كل التنظيمات البدعية التي تعمل على إسقاط الدولة السنية الزنكية الفتية, فكانت الدولة الزنكية تهتم بتتبع أقليات النصارى في ديارهم, وخنق أتباع العبيديين, وجعلهم تحت أعين الدولة؛ ولذلك فإن الحركات الإسلامية السنية التي تسعى للوصول للحكم من أجل تحكيم شرع الله عليها أن تهتم بمكاتبها الأمنية وتطورها بما يليق مع مستوى المرحلة التي تمر بها حتى تستطيع أن تحجم دور الجيوب الداخلية في الأمة «تنظيمات بدعية أو علمانية أو نصرانية أو يهودية» وإتقان هذا الجانب من أهم أسباب التمكين.
45 - إن الدولة النورية الزنكية ما كانت تسند أمورها القيادية إلا لجنودها وقادتها المخلصين لفكرتها, ولذلك بعد ما مات نور الدين محمود التقط الراية صلاح الدين, واستمر في تحقيق الأهداف المرسومة.
إن من الأخطاء القاتلة التي تمر بها الأمة أحيانًا: أن تتعلق بالأشخاص فإن ماتوا ضعفت وإن انحرفوا انحرفت؛ ولذلك يجب على الدعاة أن يجعلوا الأمة تتعلق بالمنهج حتى تستطيع أن تستمر في أداء وظيفتها الرسالية.
46 - لابد للأمة التي تسعى لإزالة الدولة الكفرية والأحكام الجاهلية أن يمتزج فيها الجانب العلمي التربوي مع الاستعداد العسكري الجهادي, وأن تكون القيادة العليا لأصحاب العلم الربانيين. ومن ظن أن الأمة بالقوة العسكرية وحدها ترجع مجدها فقد أخطأ السبيل, وما أفغانستان عنا ببعيد, ومن ظن أن الجانب العاطفي الجياش وحده يقوي الأمة فقد خالفه الصواب, وما ديار الجزائر عنا ببعيد, ومن ظن أن الجانب العملي وحده أو السياسي وحده هو الحل العلمي فقد جانبه