د- من أروع المراثي في صلاح الدين الأيوبي رحمه الله:

قال العماد الأصبهاني رحمه الله: «دخلنا عليه ليلة الأحد للعيادة ومرضه في زيادة, وفي كل يوم تضعف القلوب وتتضاعف الكروب, ثم انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء, ومات بموته رجاء الرجال, وأظلم بغروب شمسه فضاء الإفضال ورثاه الشعراء» ... إلى أن قال العماد الأصبهاني مرثيته المشهورة:

شمل الهدى والملك عم شتاته ... والدهر ساء وأقلعت حسناته

بالله أين الناصر الملك الذي ... لله خالصة صفت نياته

أين الذي مذ لم يذل مخشية ... مرجوة رهباته وهباته

أين الذي كانت له طاعتنا ... مبذولة ولربه طاعاته

أين الذي ما زال سلطانًا لنا ... يُرجى نداه وتتقى سطواته

أين الذي شرف الزمان بفضله ... وسمت على الفضلاء تشريفاته

لا تحسبوا من مات شخصًا واحدًا ... قد غم كل العالمين مماته

ملك عن الإسلام كان محاميًا ... أبدًا لماذا أسلمته حُماته

قد أظلمت مذ غاب عنا دوره ... لما خلت من بدره داراته

دُفن السماح فليس تنشر بعدما ... أودى على يوم النشور رفاته

الدين بعد أبي المظفر يوسف ... محفوفة بوروده حافاته

من لليتامى والأرامل راحمُ ... متعطف مفضوضة صدقاته

لو كان في عصر النبي لأنزلت ... في ذكره من ذكره آياته

بكت الصوارم والصواهل إذ خلت ... من سلها وركوبها عزماته

يا وحشة الإسلام حين تمكنت ... من كل قلب مؤمن روعاته

يا داعيًا للدين حين تمكنت ... منه الذئاب وأسلمته رُعاته

ما كان ضرك لو أقمت مراعيًا ... دينًا تولى مذ رحلت ولاته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015