فارقت ملكًا غير باق مُتعبًا ... ووصلت ملكًا باقيًا راحاته (?)
من للثغور وقد عداها حفظه ... من للجهاد ولم تعد عاداته
ماكان أسرع عصره لما انقضى ... فكأنما سنواته ساعاته
فعلى صلاح الدين يوسف دائمًا ... رضوان رب العالمين بل صلواته (?)
قال صاحب النجوم الزاهرة: وفي ساعة موت السلطان صلاح الدين كتب القاضي الفاضل إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب بطاقة مضمونها:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21] , {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:1].
كتبتُ إلى مولانا السلطان الملك الظاهر, أحسن الله عزاءه وجبر مُصابه, وجعل فيه الخلف للملك المرحوم, وقد زلزل المسلمون زلزالاً عظيمًا, وقد حفرت الدموع المحاجر, وبلغت القلوب الحناجر, وقد قبلت أباك ومخدمي وداعًا لا تلاقي بعده, وقد قبلت وجهه عني وعنك, وأسلمته إلى الله مغلوب الحيلة, ضعيف القوة, راضيًا عن الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله, وبالباب من الجنود المجندة, والأسلحة المغمدة, ما لا يدفع البلاء, ولا يرد القضاء, وتدمع العين ويخشع القلب, ولا نقول إلا ما يُرضي الرب, وإنا عليك يا يوسف لمحزونون, وأما الوصايا فما يحتاج إليها, والآراء فقد شغلني المصاب عنها, وأما لائح الأمر فإنه إن وقع اتفاق فما وعدتم إلا شخصه الكريم, وإن كان غير ذلك فالمصائب المستقبلية أهونها موته, وهو الهول العظيم والسلام» (?).
فرحمة الله على صلاح الدين ومن قبله من السابقين ومن بعده من المسلمين الذين أخذوا بسنن التمكين.