بعد الدرس العميق لسيرة المصلح الجهادي صلاح الدين يتبين لنا أن الذين كانوا يفتون في زمانه هم العلماء الذين فهموا الشريعة ومقاصدها, واستوعبوا الموازنة بين المصالح والمفاسد, وواقعهم الذي عاشوا فيه, وتفننوا في معرفة المصالح والمفاسد.

وأنصح إخواني أبناء المسلمين أن لا ينغروا بما أوتي جدلاً باللسان ولم يُشهد له بأنه من أهل الفتوى, وأن لا يأخذ الإنسان دينه إلا ممن شهدت لهم الأمة بالعلم وعرفوا بالحرص عليه, وتعلموا على أيدي العلماء, وصبروا على أخذ العلم, لأن الدين وفهمه عظمك ولحمك ودمك, فانظر عمن تأخذ دينك فلا تأخذه من النكرات الذين أخذوا بعض ثقافاتهم من الصحف والأوراق واعتزوا بعقولهم وتفاخروا بنفوسهم.

إن العلم الشرعي علم يؤخذ بالتلقي فلا يجدي الأخذ من الكتب فقط, بل الاقتصار في التلقي على الأخذ من الكتب بلية من البلايا, وكذا اجتماع الشباب والطلبة على التدارس دون أخذ عن شيخ عالم عامل.

يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: «من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام» (?).

وكان بعض السلف يقولون: «من أعظم البلية تشيخ الصحيفة» (?).

إن علماء الأمة على مر العصور والأزمان لا يرفعون فوق رؤوسهم الرايات, ولا يدعون إلى شعارات, ولا يطالبون الناس بالانتماء إليهم, إنما يطالبون الناس بالانتماء إلى سنة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - , وإياك أخي أن تكون مثل الخوارج الذين تركوا أهل العلم والفضل من الصحابة, وتابعوا الأعراب الذين لا يُجيدون إلا الخطابات الحماسية, وتأجيج العاطفة, فاحرص على الموثوق في دينه وعلمه:

«فإن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015