كان رجل قد غلا في الجبر غلوا عظيما، فكان يعتذر بالقدر عند كل جليل وحقير: حتى آلت به الحال إلى الإستهتار، وانتهاك أصناف المعاصي وكلما نصح وليم على أفعاله، جعل القدر حجة له في كل أحواله.
وكان له صاحب يعذله وينصحه عن هذه المقالة التي تخالف العقل والنقل والحس، ولا يزيده العذل إلا إغراء.
وكان صاحبه ينتظر وينتهز الفرصة في إلزامه بأمور تختص به وتتعلق.
وكان هذا الجبري صاحب ثروة له أموال منوعة، وقد وكل عليها الوكلاء والعملة. فصادف في وقت متقارب أن جاءه صاحب ماشية.
فقال: إن الماشية هلكت وتلفت جميعها: لأني رعيتها في أرض جذبة ليس فيها عود أخضر.
فقال له: فعلت ذلك وأنت تعلم أن الأرض الفلانية خصبة؛ فما عذرك في ذلك؟
فقال: قضاء الله وقدره.