وكان ممتلئا غضبا قبل ذلك؛ فزاد غضبه من هذا الكلام، واستشاط غضبه، وكاد يتقطع من هذا الاعتذار.

وجاءه صاحب البضاعة، فقال: إني سلكت الطريق المخوف، فاقتطع المال قطاع الطريق.

فقال له: كيف تسلك هذا الطريق المخوف مع علمك أنه مخوف وتترك الطريق الآمن الذي لا تشك في أمنه؟!

فأجابه مثل جواب الراعي للماشية، وعمل معه الجبري ما عمله مع صاحبه.

ثم جاءه وكيله على تربية أولاده وحفظهم، فقال: إني أمرتهم أن ينزلوا في البئر الفلانية ليتعلموا السباحة فغرقوا.

فقال: لم فعلت ذلك، وأنت تعلم أنهم لا يحسنون السباحة؟ والبئر المذكور تعلم أن ماءها غزير؛ فكيف تتركهم ينزلون فيها وحدهم وأنت لست معهم؟!

فقال: هكذا قضاء الله وقدره.

فغضب عليه غضبا لا يشبه الغضب على الأولين، وكاد الغضب أن يقتله. وكل واحد من هؤلاء الذين وكلهم على ما ذكرنا يزداد غضبه عليه إذا قال له: هذا قضاء الله وقدره.

فحينئذ قال له صاحبه: يا عجبا لك يافلان! كيف قابلت هؤلاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015