وأما الطائفة الثانية فهم الجبرية:
الذين يقال لهم: "القدرية المجبرة".
وهم "غلاة الجهمية" الذين إمامهم في هذا وغيره "جهم بن صفوان" المتفق على بدعته، بل بدعه الخبيثة المتنوعة.
*فزعموا: أن عموم مشيئة الله، وعموم إرادته تقتضي:
- أن العبد مجبور على أفعاله، مقسور مقهور على أقواله وأفعاله.
- لا قدرة له على شيء من الطاعات، ولا على ترك المعاصي.
- ومع أنه لا قدرة له على ذلك عندهم، فهو مثاب معاقب على ما لا قدرة له عليه.
وهذا القول من أشنع البدع وأنكرها.
وهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأئمة المهتدين، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
ومخالف للعقول والفطر، ومخالف للمحسوس.
وكل قول يمكن صاحبه أن يطرده إلا هذا القول الشنيع، فإنه لا يمكن أن يعمل به ويطرده، كما تقدم: أنه لا يعذر من ظلمه وتعدى عليه، مع اعتذار المعتدي بالقدر.
فإن الجبري لا يعذره، بل يرى اعتذاره بالقدر زيادة ظلم، وتهكما به.