وإلا فخلوا بطنها وتحملوا ... إلى بلد قفر وموتوا من الهزل
فللبين خير من مقام على الأذى ... وللموت خير من مقام على الذل
وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه ... فكونوا نساء لا تغيب عن الكحل
ودونكم طيب النساء فإنما ... خلقتم لأثواب العروس وللغسل
فبعدا وسحقا للذي ليس دافعا ... ويختال يمشي بيننا مشية الفحل
فلما سمع أخوها الأسود قولها: وكان سيدا مطاعا. قال لقومه: يا معشر جديس, إن هؤلاء القوم ليسوا بأعز منكم في داركم لا يملك صاحبهم علينا وعليهم ولولا عجزنا لما كان له فضل علينا ولو امتنعنا لانتصفنا منه فأطيعوني فيما آمركم فإنه عز الدهر وقد حمى جديس لما سمعوا من قولها فقالوا: نطيعك ولكن القوم أكثر منا! قال: فإني أصنع للملك طعاما وأدعوه وأهله إليه فإذا جاءوا يرفلون في الحلل أخذنا سيوفنا وقتلناهم. فقالوا: افعل فصنع وجعله التلد ودفن وهو وقومه سيوفهم في الرمل, ودعا الملك وقومه فجاءوا يرفلون في حللهم, فلما أخذوا مجالسهم ومدوا أيديهم يأكلون أخذت جديس سيوفهم وقتلوهم وقتلوا ملكهم وقتلوا بعد ذلك السفلة منهم وقد نجى الله هذه القبيلة بسبب تلك الفتاة.
بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومية وأمها عائلة بنت عامر بن ربيعة كانت امرأة لأبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد وهاجر بها إلى أرض الحبشة في الهجرتين, فولدت له هناك زينب ثم ولدت سلمة ودرة وعمر قيل: إنها لما هاجرت إلى المدينة.
قالت: حينما أجمع أبو سلمة الخروج رحل بعيرا له وحملني وحمل معي ابني سلمة, ثم خرج يقود بعيره, فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتنا هذه علام تترك تسير بها في البلاد ونزعوا خطام البعير من يده وأخذوني وغضبت عند ذلك بنو عبد الأسد رهط أبي سلمة وأهووا إلى سلمة, وقالوا: والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة وبذلك فرقوا بيني وبين زوجي وولدي, فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي سنة أو قريبها حتى مر بي رجل من بني عمي من بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون هذه المسكينة لزوجها؟ فرقتم بينها وبينه وبين ابنها! فقالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت.
ولما علم بنو عبد الأسد بذلك ردوا علي ابني فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري, ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة وما معي أحد من خلق الله تعالى فقلت: أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم على زوجي إذ كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار فقال: أين ابنة بني أمية؟ فقلت: أريد زوجي بالمدينة فقال: هل معك أحد؟ فقلت: لا والله, وابني هذا. فقال: والله ما لك من منزل.
فأخذ بخطام البعيرة فانطلق معي