فقالت: ولكن أليس إن عدم الحصول على زوج بلا مهر إنما هو مخصوص بغير الجميلات فإننا نستمع أن المجيلات يتزوجن بلا مهر.
قالت: نعم، يتفق مثل ذلك ولكن غير الجميلات ذوات المهر كثيرا ما كن سببا في حرمان الجميلات اللاتي لا مهر لهن من الزواج لأنه لا تبقى واحدة منهن بلا زوج على حين إنه ينذر وجود من يقترن بالجميلات الخاليات من المهر.
فقالت لها: ألم تقترن شقيقتك.
قالت ذات البعل: إن والدي أخذ والدتي عن حب ولقد كان يهوى أن يقترن بها ولو لم يكن لها مهر غير أن جدي دفع المهر بإرادته وبعد تأهل والدتي بست أو بسبع سنوات أفلس جدي وكانت خالتي فتاة في ذات الوقت.
قالت السيدة "ص": وبعد ذلك ألم يتفق لها راغب على الإطلاق. قالت الخالة: نعم، تيسر ذلك وليس فقط أنه رغب في الاقتران بي وإنما حصل بيننا حب.
فقالت السيدة "ص": ففي هذه الحالة لم يبق حكم لمسألة المهر ولماذا لم تقترني به؟ قالت لها: إنني أنقل إليك المسألة من أولها فأقول بعد إفلاس والدي كنت قطعت أملي من الزواج على الإطلاق، ثم اتفق لي أن صادفت شابا غنيا بالمال والتهذيب والمعرفة محبا للعمل، موافقا من سائر وجوهه قد اكتسب ثروة بكده واجتهاده، فوقع في قلب كل منا حب الآخر وهو الحب الظاهر الذي يتم به الزواج، ولما كنت خالية من المهر اجتهدت كثيرا أن أتغلب على حبي وانبذه ظهريا إلا أن ما رأيته فيه من الميل القلبي إلى الزواج قد ولد في الجراءة على توطيد الآمال، وتقررت المسألة بيننا قطعيا، كما أن والدي قد قبل بكمال الامتنان حسن نية هذا الشاب الذي سيقبلني على علاني خالية الوفاض من المال وثروته كافية لأن أعيش فيها بكمال الراحة ولهناء، وكنا إلى ذاك الوقت نعرف هذا الرجل أنه ينتسب إلى إحدى العائلات من الإيالات فلما حان الزمن الذي سيتقرر به زواجنا نهائيا اجتمع به والدي اجتماعا طويلا، وتحادثا مليا، وطلب منه إيضاحات عن أحواله وعن عائلته، ففهم حينئذ أنه لا ينتسب إلى عائلة معلومة وإنما هو من الأولاد الطبيعيين (المنبوذين) .
قالت السيدة "ص": وا أسفاه ما أصعب ذلك إذا وجد الحب.
قالت لها: نعم، إنني كنت أحبه ولكن أيبقى موجب بعد ذلك لهذه المحبة إن معرفتي كونه ولدا منبوذا كافية لأن تبعثني على النفرة منه ولا يلزم الحب أكثر من هذا النفور.
قلت لها: وهل أمكن له أن يتناسى ذاك بمثل هذه السهولة؟ قالت: كلا إنه تأسف أسفا لا مزيد عليه، وأصر كثيرا على الفرار بي إلى بلد آخر حيث يقترن بي قائلا لي أنه لا يتركني أن أفتقر إلى أي كان مادامت عائلتي لا تقبله، أما أنا فكيف يمكنني أن أرضاه فإنني إذا لم أفتكر بنفسي فيجب أن أفتكر بأولادي لأنن من حيث وضعتهم في هذا العالم من أب منبوذ (نفل) سأبقى مخجولة أمامهم طول العمر، وعندما افتكرت بأنني سأترك اسم عائلتي للانضمام إلى رجل لا تعرف له عائلة ولا اسم لكي افتخر بالانتساب إليه رددته خائبا وأخبرته إنني لن أقترن به وأنني صممت على أن لا أكلم رجلا، فلست بمكلمته على الإطلاق.