فقالت ذات البعل: كأنما هي من ممثلات الروايات.
فقالت الخالة: لا جرم إنها كما أشرت.
فقلت: إن ممثلات الروايات عندنا جميعهن مسيحيات ففي مثل هذه الحال لا تكون هذه المرأة تركية وهي امرأة مسيحية. قالت ذات البعل: إننا في باريز ننظر إلى مثل هذه الرسوم كأنما هي من رسوم السيدات التركيات وندقق كثيرا في زينتهن ووجوههن فإذا يفهم من ذلك أن الزينة ليست بزينة التركية وذوات هاته الأزياء لسن من السيدات التركيات.
قلت: أجل، فكما أنه يمكن لأي الناس أن يرتسم بالزي الذي يرغب فيه هكذا أيضا بعض النساء المسيحيات يرتسمن بمثل هذه الأزياء غير أنني لا أدري ما هو الزي الذي يلبسنه لأنه على نحو ما تشاهدن في هذا الرسم ترين على رأس صاحبته كفية من صنع البلاد العربية وعلى عاتقها صدرة من صدرات نساء الأرناوط وفي رجليها شروال والكرسي المنزل بالصدف الذي على قرب منها إنما هو من صنع الشام والفنجان الموضوع عليه من متاع الهند والنارجيلة التي في يدها لا أعرف حقيقة من استعمال نساء أية ملة من الملل أما شعرها فإنه مقصوص على الزي الإفرنجي، وقد قص من أسفل على النسق الأوروبي فإذا أمعنت النظرية حققت ذلك.
قالت ذات البعل: لا جرم أنه على الزي الإفرنجي تماما فإذا كان هذا الزي لم يمكن من الأزياء التركية كذلك لم يكن هو زيا منه آخر فليس إلا زيا قد ركب عن عدة أزياء.
ثم جاءوا إلينا بصينية القهوة على العادة التركية وقد وضع الإبريق في السلسة (أو السنبل) أو العازقي باللغة المصرية وهي مغطاة بمنديل فأعجب المسافرات بها كل الإعجاب وساتأذننا في معاينة كل قطعة منها على حدة وقد استحسن غطاء الصينية لنه كان مزركشا بالذهب وسألننا عن المحل الذي يباع به أباريق القهوة الفضية فهديتهن إلى سوق الصاغة، ثم بين لنا رغبتهن في مشترى الأقمشة التركية وطلبن إلينا أن نعرفهن عن الموضع إلي يباع به أحسنها فعرفتهن أن أقمشتنا متنوعة جدا وأوصيتهن أن يشترين من أقمشة بورسة أو الأقمشة العربية، وقد صرفنا في هذا الحديث قسما من الوقت، وبعد ذلك فهمنا أن الشقيقتين هما بنتا تاجر كثير الثروة، وأن أمهما وأباهما في باريز، وأن الأخت الكبيرة متأهلة من خمس سنوات، وأن زوجها أيضا من مسلك والدها، وأن خالتها تسكن مع والديهما، وأن ذات البعل تقيم في بيت زوجها.
قالت السيد "ص" إلى الخالة: لماذا أنت لم تتأهلي؟ قالت: هكذا كان نصيبي.
فقالت لها: أأنت لم ترغبي في الزواج؟ قالت: إن الزواج عندنا لا يخلو من الصعوبة.
فقالت لها: لأي سبب؟ قالت: لمسألة المهر (الدوتة) ؟