بكلمة واحدة، أما المرأة فإذا كانت راغبة في الطلاق تضطر إلى مراجعة المحكمة، ثم قالت لي: وأنت كنت تقولين منذ مدة أن الأمر مشكل عن المسيحيين فإنهم لا يستطيعون أن ينفصلوا عن بعضهم بعد الزواج وإنما يجبر الرجل أو المرأة - أي منها كان سيء الأخلاق - أن يصرف عمره بالنكد والكرب بعد جواز الطلاق وإننا نحن أحسن حالا لوجود الطلاق عندنا فانظري لنا وسيلة للطلاق؟ فقلت لها: كيف ترغبين أن يكون؟ قالت: أرغب أن يكون في الأمر مساواة بين الرجل والمرأة بمعنى أن النساء يكن كالرجال قادرات أن يطلقن رجالهن بنفس السهولة الموجودة عند الرجال.
قالت: ماذا تقصدين بذلك؟ قلت: إن المرأة متى لبست ثوبا أزرق تطلق من زوجها والسلام.
قالت السيدة "ن": أتقولين حقيقة أم أنت راغبة في المزاح؟ قلت لها: إذا كنت ترتابين في قولي اذهبي إلى إنطاكية وتتأكدي ما قلت.
قالت السيدة "ص": وضحي أكثر من ذلك وزيديني معرفة.
قلت: إن المرأة في إنطاكية عند زفافها تأخذ معها ثوبا أزرق ففي أي وقت أرادت ترك زوجها تلبس الثوب الأزرق وحينئذ يعتقد بأنها صارت مطلقة، وهذه الحال معتبرة في عرف البلدة أيضا.
وأما المرأة الفقيرة التيب لا تملك ثوبا أزرق فإنها تستعيره من امرأة أخرى وتلبسه، ومتى انتهت من غرضها تعيده إلى صاحبته.
قالت السيدة "ن": كيف يمكنهم توفيق هذا الأمر على الأحكام الشرعية؟ فقتل: ألم تكن المسألة الشرط موجودة شرعا فالظاهر أنهم حين الزواج يتزوجون بهذا الشرط فيعتقدون مقاولة من مقتضاها أن المرأة تطلق متى لبست ثوبا أزرق.
قالت: الذي اعلمه أن النساء يشترطن على رجالهن المر الذي يرغبنه فإذا فعلوه أصبحن طالقات منهم على أنني ما كنت سمعت بما تقولين الآن؟ فقلت: يفهم من ذلك أن نساء إنطاكية أعقل منا كثيرا فإنهن متى تزوجن يضعن شروطا ويتزوجن بموجبها وليس ذلك منحصرا بنساء إنطاكية فقط وإنما في عشيرة (عنزة) عادة مألوفة وهي أن يربط سجف في المضارب ويبقى مربوطا على الاستمرار فإذا كانت المرأة راغبة في ترك زوجها حلت رباط السجف وفي ذلك إشارة إلى أنها أصبحت طالقة منه ولعشيرة التركمان - المسماة (تحبر لي) - عادة أخرى من هذا القبيل وذلك أن المرأة متى أرسلت سفيرا إلى زوجها تخبره بواسطته أنها نفرت منه فحينئذ تصير طالقة وكل ذلك موقوف على الشرط.
قالت السيدة "ص": لعمري إنهم عند النكاح عندنا لو وضعوا شرطا بثوب وردي أو أفلاطوني لكان ذلك حسنا جدا.
فقلت: لو وضعوا عندنا مثل ذلك من يعلم عدد الرجال الذين كنا نطلقهم فيكل شهر؟ قلت: لأي سبب، أليس عندنا عقل يوازي عقل نساء إنطاكية ونساء العشيرة؟ قلت: إن الأشياء التي تولد عندنا الأسباب كثيرة إذ من المعلوم أن نساء الخارج متى شبعت بطونهن ولبسن