إخفاءها، فأخذنا جميعنا بالقهقهة بحيث اضطرت السيدة "ن" أن تهرب إلى خارج الغرفة، ولما سكنت ضوضاة القهقهة سألتنا الوالدة عن أسبا الضحك فأفهمناها حقيقة الواقعة.

فقالت الوالدة: أسرعن بارتداء ملابسكن فإن السعاة قريبة من الرابعة.

فقلت: يا عجبا، ترى في أية ساعة عزمن على المجيء؟ قالت: لقد أنبأن أنهن يحضرن بعد الظهر على أنهن لم يعين ساعة معلومة.

ثم خرجت ولما كانت السيدة "ن" تحب الاكتساء بألبسة تركية لم تكن معرضة للنقلة وقد قضت الضرورة أن أحضر رداء للسيدة "ص" فأحضرت ثوبين من الأثواب التركية أحدهما للسيدة "ص" والآخر لي. وبعد أن ارتدينا بهما وضعت كل منا على رأسها عصبة مزينة بالأزهار المماثلة للون الأثواب مما كنت صنعتها بيدي، ولما مررنا من أمام المرآة رأيت أن زينة السيدة "ص" تفوق زينتنا حسنا وجمالا، وقد اعترفت لها بذلك لأن المشد الذي كانت تلبسه قد زاد بحسن كسمها فظهرت بمظهر لا يكون إلا بمن يستعملن المشدات، وقد تبين لي أن المشد يجعل انتظاما كليا للألبسة التركية أكثر منه للألبسة الإفرنجية، كما أن وضع الزهار في مفرق الشعر مما يزيد الوجه رونقا ولطافة.

فقالت السيدة "ص" إذا كان أعجبك هذا المظهر فعليك أن تفرقي شعرك كشعري وأن تلبسي المشد فقلت لها: نعم، إنني سألبس المشد ولكن فرق الشعر يستغرق وقتاً طويلاً، ولقد آن وقت مناولة الطعام وكما كنا لا نعمل الساعة التي يأتي بها القادمات إلينا أرى من المناسب أن نكون على استعداد لاستقبالهن.

وبعد عشر دقائق كنا جميعا على قدم الاستعداد، فدعونا إلى المائدة وبعد الطعام عدنا إلى غرفتنا.

فقالت السيدة "ص": إن الظلم الذي تلاقيه من زوجها قد سلب راحتها ومنعها من الخروج.

قالت السيدة "ن": من العبث أن يعيشا معا على أنهما إذا افترقا زالت تلك الصعوبة في الحياة وكثرا ما قالت السيدة "ق": إنني لا أريدك فلنفترق، أما هو فقد كان له عن قولها إذن صماء.

قلت: ما هي أسباب عدم راحتها؟ قالت السيدة "ص": إن الرجل سيء الأخلاق وهو لأقل سبب يضربها وهي كثيرا ما قالت له أن يتركها لأنها لم تعد تتحمل معاملته وهو كان يقول لها إنه يموت ولا يتركها.

قالت: فإذا هو يحبها؟ قالت السيدة "ص": ليتها لم تكن هذه المحبة.

قالت السيدة "ن": إن الرجل لا خلاق له فإنه لا فقط يعامل امرأته هذه المعاملة بل هو كذلك مع الخادم والخادمة ولا قبل له على نبذ هذه الأخلاق السيئة ولا على ترك امرأته.

قالت السيدة "ص": إن زوجته لا تقبله فهل تجبر على البقاء معه.

قالت السيدة "ن": أجل إنها في اليوم الماضي كانت تقول: إنه من نفسه لا يريد أن يتركها وإنها ستضطر في آخر المر إلى مراجعة المحكمة.

قالت لها: إن الطلاق إنما هو راجع لإرادة الرجال لا غير فإذا قصدوا أن يطلقوا نساءهم أمكن لهم ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015