ثوبا ما لم تبق لهن حاجة من الحاجات وليس عندهن ما عندنا من ضروب النزهة والترف حتى تأخذن الحدة من أزواجهن إذا منعوهن عن الذهاب إلى الحدائق والمنتديات.
قالت: ما معنى هذا الكلام إن أكثر رجال الخارج والعشائر يتزوجون عدة نساء فهل من سبب يبعث على الحدة والكدر أكثر من هذا السبب؟ فقلت: إنهن يكن مسرورات من الضرائر وهن اللاتي يرغبن في تزويج رجالهن حتى تبلغ أزواجهم أربعا لأنه كلما كثرت الضرائر قلت عنهن الخدمة، فإذا أخذ الرجل على زوجته امرأة ثانية خفت عنها نصف الخدمة فإذا اقترن بثالثة كانت مطالبة بالثلث، وإذا أخذ الرابعة هبطت خدمتها إلى الربع، وهؤلاء النساء المسكينات يرغبن في تخفيض خدمتهن إلى الخمس لو كان ذلك بالإمكان، ولكن الشريعة لا تأذن بأكثر من أربع.
قالت: إن ذلك للعجب لأجل الخدمة يقبلن الضرائر.
قلت: أيتها السيدة أعندك نظيرهن حيوانات وبهائم وجمال ومعاول لنقب الأرض؟ وهل تضطرين إلى تحميلها الأخشاب والأعشاب؟ أذهب عنك كيف نستثقل عقص الشعر وتسريحه وإنا مفتقرات إلى أن نستمد المعونة والمساعدة من الجواري؟ قالت: أنا لا أريد هذه الخدمة التي يتحملنها ولا الضرائر أيضا وإنما يعجبني من عادتهن مسألة الثوب الأزرق قالت السيدة "ن": لننظر فيما إذا كان ذلك حسنا هنا وإلا فإنه كما قالت رفيقتنا إذا لبس النساء ثوبهن أبصرن إلى حالة الرجل غير المتأهل.
قلت: إنني أنقل لكن فقرة تكون مثالا لما نحن بصدده فقد اتفق أن امرأة كانت في أثناء بحثها مع زوجها عن محبتها له تقول دائما: (آه يا سيدي إنني أسأل الله أن يقبض روحي بين يديك فإنني أفضل الموت على الانفصال عنك) . وكان الرجل نبيها واقفا على أسرار العالم. أما المرأة فقد كانت جاهلة بالقراءة والكتابة لا تعلم شيئا من أحوال الدنيا، ففي ذات يوم جاء الرجل إلى بيته وكان مغموما جدا بحيث إنه كان لا يقوى على فتح فيه والتلفظ بكلمة من الكلمات فزوجته حملت ذلك على انحراف في صحته، وأخذت تسأله عن سبب كدره.
أما هو فأجابها إنه لم يكن منحرف الصحة وإنما طرأ عليه حادث عظيم كدره جدا وان هذا الحادث مهم إلى حد أنه لا يقوى على بيانه، وبعد إلحاح كلي من المرأة عقبه سكوت طويل من الرجل قال لها (أخيرا) : آه يا زوجتي المحبوبة أنت تعلمين أنه لحد الآن كان الرجال يطلقون نساءهم ولكن وضعت الآن أصول جديدة من مقتضاها أنه يجوز من الآن فصاعدا للنساء أن يطلقن رجالهن فأنت لا تنكرين علي محبتي لك وتعلمين أنه لما كان عدم الانفصال عنك متعلقا بي دون غيري لم يكن لي أقل هم وكدر من هذا القبيل، أما الآن فإنني أفتكر ماذا يحل بي من القهر والنكد لو قصدت أن تطلقيني) . فأجابته هي قائلة: أقلع عن هذا الفكر ولا تهتم به فأنا لا أتركك ولا أطلقك بالكلية) .
وبعد أن مر على ذلك نصف ساعة طلب الرجل منها شربة ماء فالتفتت إليه قائلة: (عفوا أنا لست بقائمة فقم أنت واشرب) ، فأجابها الرجل بقوله: (يا عزيزتي، هل من العدل أن أقوم أنا وأنت لا تقومين إنني أشتغل من الصبح إلى المساء لأجل القيام بحاجتك رغائبك، والله يعلم ما ألاقي من المتاعب حتى إذا أتيت إلى البيت بعد تلك المشقات ألا يلزم أن أرتاح فيه قليلا) أما هي فأجابته قائلة: (إن رجليك غير مكسورتين، فقم