قالت: نعم. فبادرت في الحال إلى جمع الشعر وتسريحه ثم قلت: قد تم المقصود يا سيدتي.
قالت: يا عجبا ما هذه العجلة.
فقلت: ماذا يهمك الاستعجال ما عليك إلا أن تنظري إذا كان أتى حسب المرغوب أم لا فأخذت السيدة "ص" شعرها بيدها ونظرت إليه مليا ثم قالت: لا جرم انه في غاية الإتقان.
غير أن زينتها لم تكن قد تمت لأنها كانت تنتظر (الكي بالملاقط) وفي تلك الأثناء دخلت جاريتها الملاقط المحماة فخرجت إلى غرفة ثانية لألبس ثيابي وبعد أن لبستها عدت إلى حيث السيدة "ص" فوجدت أن عملية الكي لم تنته.
فقالت: يا عجبا، أراك قد لبست ثيابك وزينت شعرك في هذه الفترة.
قالت السيدة "ن": لقد رأيت هناك رسما فما هذا الزي؟ فقلت لها: وجدته في غرفة صناديق والدتي فهو رسم إحدى المادامات في الزمن القديم.
قالت: ما هذا الفستان أرى أنه لا فرق بينه وبين المضرب (الخيمة) انظري إلى هذه العصبة وأنت أيتها السيدة "ص" تعالي وشاهدي زي ذاك العصر.
فقالت لها: أتقصدين أن أستعجل ليحترق جبيني.
قالت السيدة "ن": إذا كنت لا أصنع مثل هذا الفستان فإنني أقدر (أن) أصنع نظير عصبتها أنت تزينت بالزي الجديد، وأنا أنيا بالقديم أليس كله يحسب زيا فلا فرق بين أن يكون جديدا أو قديما، ثم قالت لي: يا عزيزتي وصديقتي أيوجد عندك قليل من البطانة السوداء وشيء من القصب؟ فقلت لها: بلا كسل، أتشغلين نفسك بهذا الآن؟
قالت: لا جرم إن الزهور الموجودة في البستان هي مرجحة على الزهور المنتشرة في هذا الرسم لكونها طبيعية فإذا لم يكن ثمة مانع أن أجمع شيئا منها. قالت ذلك وخرجت إلى الجنينة ثم عادت بالزهور التي رغبت فيها فصنعت شيئا مماثلا تماما لشكل العصبة المرسومة في الرسم تعصبت بها، وقد اشتهينا أن أحدا يسمع قهقهتنا إذ ذاك.
فقالت السيدة "ص": عجبا، هل كانت هاته العصبة في زمن عصبة القايق الذي أشارت إليه المربية فإن من تأمل شكلها الغريب أدرك أنهما كانتا متعاصرتين.
قلت: يحتمل ذلك.
وفي تلك الأثناء أطلت إحدى الجواري رأسها من الباب قائلة: لقد جاءت السيدة الكبيرة، أما السيدة "ن" فإنها لم تجد فرصة لرفع العصبة عن رأسها، ولذلك دخلت الخزانة الموجودة في الداخل لتعلق الثياب محتجبة عن أعين والدتي التي دخلت علينا وخاطبتنا بما يأتي: لقد ذهب عني أن أخبركن أيتها الفتيات أنه جاءنا أمس خبر يفيد أنه سيأتينا اليوم زائرتان أجنبيتان وأنهن يرجوننا أن نستقلهن بالأزياء التركية.
وفي ذاك الوقت ظهر وجه السيدة "ن" وكشفت العصبة لأن المومى إليها لم تتمكن من إخفاء نفسها ضمن الخزانة فتمسك بالتعليق ولكن لم يجدها ذلك نفعا حيث فتح باب الخزانة وظهرت العصبة التي كانت تحاول