قالت: أمان يا عزيزتي ماذا قال بهذا الشأن؟ فقلت لها: ها هو على مقربة منك فخذيه واقرئي.

قالت: أريني المحل المقصود منه.

فأخذت الكتاب ولما عثرت على الفقرة المتعلقة بالمشد دفعته إلى السيدة "ص": فما أعتمت بعد قراءته أن قالت: يا عزيزتي إن لم يضع له قرارا قطعيا فقد استصوب المرين أي أن يلبس وأن لا يلبس.

فقلت لها: إذا تريدين أن يقول أكثر من ذلك، فإنه وافق على قول الحكماء وعلى قول الخياطين فقد قال مدحت أفندي: إذا شاءت المرأة عمرا عزيزا فلتبسه، وإذا أرادت عمرا لذيذا فعليها أن لا تلبسه، وأنت مخيرة بين المرين وبعد أن انتهت الجارية من تلبيس السيدة وتبكيل الأزرار أخذت ملاقط الشعر لتحميها على النار ثم تعود بها لتصلح شعر سيدتها فقالت السيدة "ص": ما هذا الكسل أيتها السيدات أليس في نيتكن أن تلبسن أثوابكن؟ فقلت لها: لا يجب أن تهتمي بهذا الأمر إنني أستطيع أن ألبس ثيابي قبل أن تنتهي من تزيين شعرك.

فقالت مخاطبة إلى جاريتي اذهبي أنت وألبسي سيدتك ثيابها فإنني أراها لا تحب أن تفعل ذلك من نفسها.

فقالت لها الجارية: إن سيدتي تكتسي بيدها ولا تحب أن ألبسها ثيابها.

قالت: أصحيح أنها متعودة على ذلل؟ لعمري إنها لا تعرف راحتها.

فقلت لها: لا يمكن أن أتصور تعبا يزيد عن الاحتياج إلى شخص آخر في أمر اللبس وكثيرا ما كنت ألاقي من العذاب ألوانا عندما كانت تأتي البنات أحيانا إلي ويطلبن مني أن أسمح لهن في مساعدتي بلبس الثياب، وقد قلت لهن مرارا: إنكن إذا كنتن راغبات في راحتي فدعنني وشأني ولا تتعرضن لمساعدتي، ومذ حينئذ أصبحن لا يتعرضن لي بشيء من ذلك.

قالت: كيف تستطيعين أن تعقدي ربط المشد؟ فقلت لها: عندما ألبسه لأول مرة أضيقه من الوراء إلى درجة اللازمة وأتركه معقودا هكذا فلا يبقى إلا ربطه من جهة الصدر وتزريره، فأفعل ذلك بنفسي خصوصا وأنت تعلمين أنني لا أستعمل المشد يوميا إذ لست بميالة إليه كل الميل ومتى استعملته لأشد كثيرا.

قالت: أنت تسرحين شعرك بنفسك أيضاف أما أنا فإنني منذ صغري كانت مربيتي هي التي تسرحه والآن قد تعلمت هذه الفتاة طريقتها فصارت ترتب شعري أحسن ترتيب.

قلت لها: فإذا لم تكن هذه الفتاة ماذا تفعلين؟ قالت لا جرم، إنني حينئذ ألاقي كثيرا من المشقة لأنني ميالة إلى الترتيب التام، وأولئك البنات لا قدرة لهن على هذا العمل. فقالت جاريتي: إن سيدتي تحسن تنظيف وصف الشعر كل الإحسان حتى إننا عندما نكون متهيآت للذهاب إلى فرح ما تأخذ هي في تسريحنا إذ ترى أننا لم نحسن صنعته.

فقالت: لعمري إن ذلك حسن جدا فإن أمكن رتبي لي شعري إلى أن تكون الفتاة قد انتهت من إحماء الملاقط.

فقلت لها: أتحبين أن أرتبه كما كان مرتبا بالأمس؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015