من تلك الروايات في قوله -سبحانه وتعالى- حول هذه الآية: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} (هود: 5) قال أبو السعود عند تفسير هذه الآية: روي عن بن عباس -رضي الله عنهما- أنها نزلت في الأخنس بن شريق، وكان رجلًا حلوَ المنطق حسنَ السياق للحديث، يُظْهِرُ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- المحبة، ويضمر في قلبه الحقد والبغضاء، هذا السبب ذكره الواحدي عن الكلبي بدون إسناد، والكلبي هذا متهم بالكذب من علماء الجرح والتعديل، قال أبو النضر: الكلبي تركه يحيى بن معين، وابن مهدي، ثم قال البخاري: قال علي: حدثنا يحيى عن سفيان، قال لي الكلبي: كل ما حدثتك عن أبي صالح، فهو كذب. انظر: (ميزان الاعتدال) للذهبي، وذكره أيضًا ابن الجوزي في (الموضوعات) في تفسيره (زاد المسير) وبيَّن أنه حديث ضعيف، وقال: رواه أبو صالح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ومعلوم: أن طريق أبي صالح عن ابن عباس من أوهى الطرق.
وقال الحافظ ابن حجر: إن ما ذكره أبو السعود سبب في نزول الآية، وفي أنها نزلت في المنافقين بعيدٌ جدًّا عن الصواب؛ لأن الآية مكيةٌ، والنفاق إنما حدثَ بالمدينةِ، فكيف يتسنَّى القول: بأنها نزلت با لمنافقين، هذا ما أورده البعض.
في قوله -جل وعلا-: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} (الرعد: 31)، قال أبو السعود في سبب نزول هذه الآية، قيل: إن أبا جهل وأضرابه قالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن كنت نبيًّا سَيِّر بقرآنك الجبال عن مكة، حتى تتسع لنا، ونتخذ فيها البساتين والقطائع، وقد سُخِّرَتْ لداود -عليه السلام- فلست بأهون على الله منه، إن كنت نبيًّا كما زعمت، أو سخر لنا به الريح كما سخرت لسليمان -عليه السلام- لنتَّجِرَ عليها إلى الشام؛ فقد شق