والحق أن المرويات في أن الذبيح إسحاق هي من إسرائيليات أهل الكتاب، وقد نقلها من أسلم منهم ككعب الأحبار، وحملها عنهم بعض الصحابة والتابعين، تحسينًا للظن بهم، فذهبوا إليه، وجاء بعدهم العلماء فاغتروا بها، وذهبوا إلى أن الذبيح إسحاق، وما من كتاب من كتب التفسير والسير والتواريخ إلا ويذكر فيه الخلاف بين السلف في هذا، إلا أن منهم من يعقب ببيان وجه الحق في هذا، ومنهم من لا يعقب اقتناعًا بها وتسليمًا لها.
يقول شيخنا العلامة فضيلة الشيخ دكتور "محمد أبو شهبة": وحقيقة هذه المرويات أنها من وضع أهل الكتاب؛ ل عداوتهم المتأصلة من قديم الزمان للنبي الأمي العربي محمد -عليه الصلاة والسلام- وقومه العرب، فقد أرادوا ألا يكون لإسماعيل الجد الأعلى للنبي -صلى الله عليه وسلم- والعرب فضل أنه الذبيح؛ حتى لا ينجر ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وإلى الجنس العربي.
نقول أيضًا: إنهم حرفوا التوراة؛ أهل الكتاب حرفوا التوراة، ولأجل هذا ولأجل أن يكون هذا الفضل لجدهم إسحاق لا لأخيه إسماعيل حرفوا التوراة في هذا، ولكن الله أبى إلا أن يغفل عما يدل على هذه الجريمة النكراء، والجاني غالبًا يترك من الآثار ما يدل على جريمته، والحق يبقى له شعاع ولو خافت يدل عليه مهما حاول المبطلون إخفاء نوره وطمس معالمه، فقد حذفوا من التوراة لفظ إسماعيل، ووضعوا بدله لفظ إسحاق، ولكنهم غفلوا عن كلمة كشفت عن هذا التزوير، وذلك الدث المشين، وإليك نص التوراة:
ففي التوراة الإصحاح الثاني والعشرون، الفقرة الثانية هذا النص: "فقال الرب خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق، واذهب إلى أرض المريا واصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك" انظر إلى العبارة، فليس أدلّ على كذب