والجغرافيا، وإذا أقدموا على الفتوحات ومحاربة الأمم، فانتصروا عليهم بالعلم لا بالجهل، فلو كان يجهلون مسالك بلادهم وطرقها ومواقع المياه وما يصلح موقع القتال فيها، لهلكوا وكان الجهل أو أسباب هلاكهم ومن درس ما حفظ من خطبهم، وكتبهم التي كانوا يتراسلون بها ومحاورتهم في تدبير الأعمال يظهر ذلك جليًّا.
خامسًا: علم الأخلاق الذي يبحث فيه عن الفضائل النفسية وكيفية تربية المرء عليها، وعن النقائص وطرق توقيه منها وهو لازم لرجال الدين وللدعاة ألزم كي يستطيعوا معالجة النفوس وتهذيبها، وما ورد فيه من الآيات والأحاديث الصحيحة، وأفاد الصحابة والتابعين يغني بشهرته واستفاضته عن إطالة الكلام فيه.
سادسًا: معرفة الملل والنحل ومذاهب الأمم فيها؛ ليتيسر للداعي بيان ما فيها من الباطل فإن لم يتبين له بطلان ما هو عليه لا يلتفت إلى الحق الذي عليه غيره وإن دعاه إليه، ومن لم يقف على ما عند الناس من المذاهب والتقاليد الدينية لا يستطيع أن يخاطبهم على قدر عقولهم كما كان شأن سادة الدعاة عليهم الصلاة والسلام.
سابعًا: العلم بلغات الأمم التي تراد دعوتها، وقد ورد في (صحيح البخاري) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بعض الصحابة بتعلم اللغة العبرانية لأجل اليهود الذين كانوا مجاورين له، عن زيد بن ثابت: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يتعلم كتاب اليهود حتى كتبت للنبي -صلى الله عليه وسلم- كتبه وأقرأته كتبه إذا كتبوا إليه"، وقال أبو حمزة: كنت أترجم بين يدي ابن عباس وبين الناس على أنهم قد استعربوا فيما كان معرفة لغتهم الأصلية إلا ما زيد الكلام في الفهم عنهم ومعرفة حقيقة شأنهم.