ربه -عز وجل- الفصاحة والبلاغة وطلاقه اللسان حين كلفه بالذهاب إلى فرعون: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (النازعات: 17)، فذكر العقدة التي في لسانه، والتي تحول بينه وبين كمال البيان وتوصيل الرسالة فاستعان بالله -عز وجل- وسأله قائلًا: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} (طه: 25 - 28)، ولم يكتفِ بذلك حتى قال: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} (القصص: 34).
ومن الصفات التي يجب على الداعية الخطيب أن يتحلى بها: الإلمام بالعلوم والأحوال، العلم بحال من توجه إليهم الدعوة في شئونهم واستعدادهم، وطبائع بلادهم، وأخلاقهم أو ما يعبر عنه بالعرف بحالهم الاجتماعية، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين بعث معاذ بن جبل إلى اليمن عرفه بحال المرسل إليهم قال: ((إنك تأتي قوم أهل كتاب))، فعرفه البيئة وأحوالها حتى يستعد للقائها.
كذلك علم التاريخ العام يجب على الداعية الخطيب أن يلم به قدر استطاعته ليعرف الفساد في العقائد والأخلاق والعادات، فيبني دعوته على أساس صحيح، ويعرف كيف تنهض الحجة ويبلغ الكلام غايته من التأثير، وكيف يمكن نقل هؤلاء المدعوين من حال إلى حال ولهذا كان القرآن الحكيم مملوءًا بعبر التاريخ والجاهل به لا يصلح أن يكون خطيبًا داعية للإسلام، ولا مرشدًا في الأمور العامة على الوجه الذي يرجى قبوله ونفعه.
ثالثًا: علم النفس الباحث عن قوى النفس، وخواطرها، وميولها، وتصرفها في علومها، وتأثير علومها في أعمالها الإرادية.
رابعًا: علم تقويم البلاد ليعد الداعي لكل بلد عدته إذا أراد السفر إليه، ولقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- أعلم أهل زمانهم بالتاريخ، والذي يسمى الآن بتقويم البلاد