الأرض مَن هو أفصح منه، وإن كان سببه جمال الشخصية فليتذكر أن مآله بعد ذلك كله الموت، وإن كان سببه مظهر التدين فليعلم أن الدين يدعو إلى التواضع، ويأمر بخفض الجناح للمؤمنين كما قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر: 88)، {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (الشعراء: 215).
ألا فليتحرر الداعية من آفة الكِبر، وليستعصم لنفسه مزالقها التي تؤول إليه، وليأخذ نفسه بأسباب المعالجة النفسية، التي بينها ونبهنا عليها؛ وليحرص على أن يُحَاسِب نفسه في كل آونة، وليَعلم أن الله سبحانه معه يرقبه ويراه، ويَعلم سِرّه ونجواه، ويعلم خائنة الأعين، وما تُخفي الصدور.
فبهذا كله يستطيع أن يتغلب على آفة الكبر، وأن يقضي على مداخله من عُجب وغرور من نفسه، وأن يُعطي القُدوة في التواضع والتجرد والإخلاص للخاصة والعامة، وأن يكون من الدعاة المؤثرين، والمرشدين الموثوقين، والله سبحانه مع الصادقين المخلصين يسددهم ويثبت أقدامهم، ويهديهم سواء السبيل.
وهكذا معشر الطلاب نكون قد انتهينا من مادة الخطابة.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- لي ولكم علمًا نافعًا، وعملًا متقبلًا، كما أسأله أن يرزقه سلامة القلب، وسلامة الصدر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا: أن الحمد الله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.