الداعي سيئ الخلق جافيًا قاسي القلب فأغلظ للدعاة أو المدعوين في القول تفرقوا عنه، وانصرفوا من حوله، فحرموا الهداية بأنوار دينهم فعاشوا وماتوا جهلاء، وذلك هو الشقاء، وذلك الخطيب القاسي الجاهل هو سبب ذلك وعلته.

الصفة الرابعة: الشجاعة، أن يكون الخطيب شجاعًا حتى لا يهاب أحدًا في الجهر بالحق، ولا تأخذه في نصرة الله لومة لائم، ففي الحديث عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: ((بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم)).

وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: ((أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بخصال من الخير؛ أوصاني ألا أخاف في الله لومة لائم، وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرًّا)).

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحقرن أحدكم نفسه، قالوا: يا رسول الله وكيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أن لله عليه مقالًا ثم لا يقول فيه، فيقول الله -عز وجل- يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس؛ فيقول الله -عز وجل-: فإياي كنت أحق أن تخشاه)).

إلَّا أنه يجب التنبيه على أنه شتان بين الحماسة وبين الشجاعة، فليس من الشجاعة أن تحرص على أن تقول ما تريد مهما ترتب من النتائج، ليس من الشجاعة أن تقول كلمة واحدة تكون هي آخر كلمة تقولها على المنبر، وتحرم نفسك من منبرك وتحرم جمهورك من منبرك، ولكن كن جريئًا شجاعًا تعلم الناس الدين بالحكمة والموعظة الحسنة وبالرفق واللين، شريطة أن تعلم متى تتكلم، ومتى تسكت فقد تكون المصلحة في السكوت، وقد تكون في الكلام، فإذا كانت المصلحة في الكلام فلا تسكت، وإذا كانت المصلحة في السكوت فلا تتكلم، والسعيد الموفق من نظر في عواقب الأمور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015