أن يصف الله -تبارك وتعالى- بشيء دون برهان أن يسميه باسم دون حجة ولا برهان.

وعلى الخطيب أن يحاول جهده أن يتفرغ للعلم، فإنه قديمًا قيل: لا يعطيك العلم بعضه حتى تعطيه كلك، وأكبر شاهدًا من حياتك العملية للخطيب على صحة هذا القول أنك لو كنت صادقًا مع نفسك، ومقدرًا وظيفتك حق قدرها أنك تحضر خطبتك في ثلاثة أيام أو أربعة، ثم إذا كان يوم الجمعة خطبتها في نصف ساعة، فمحصلة ثلاثة أيام أو أربعة خرج منك في نصف ساعة، فهذا الواقع العملي الذي تعيشه كخطيب أكبر دليل على صحة هذا القول: "لا يعطيك من بعضه حتى تعطيه كلك"، فاحرص -أيها الخطيب- على أن تتفرغ للعلم حتى تنال منه ما تعلمه للآخرين.

فإذا تعلمت فاعلم أن العلم إنما منح من أجل العمل به، فعليك أن تتصف بالصفة الثانية، وهي العمل بالعلم، فلا يكذب فعلك قولك، ولا يخالف ظاهرك باطنك، ولا تأمر بشيء لست مؤتمرًا به، ولا تنهَ عن شيء أنت مرتكبه، كن دائمًا أول من يأتمر، وأول من ينتهي؛ ليفيد وعظك، ويثمر إرشادك، أما إذا كان الخطيب يأمر بالخير، ولا يفعله، وينهى عن الشر وهو واقع فيه، فهو بحاله هذه عقبة في سبيل الإصلاح، وهيهات هيهات أن ينتفع به، فإنه فاقد الرشد في نفسه، فكيف يرشد غيره؟

قال مالك بن دينار: "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب، كما يزل القطر عن الصفا، فإن من حث عن التحلي بفضيلة وهو عاطل منها أو أمر بالتخلي عن نقيصة وهو ملوث بها لا يقابل قوله إلا بالرد، ولا يعامل إلا بالإعراض والإهمال، بل يكون موضع حيرة البسطاء، ومحل سخرية في نظر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015