كان لزامًا على الخطباء أن يتحلوا بمكارم الأخلاق، وأن يتصفوا بجميل الصفات وقد كتب العلماء في الصفات التي يجب على الخطيب أن يتحلى بها، وأطالوا في ذلك، وسنحاول -إن شاء الله تعالى- أن نلم بأهم ما ذكروه فيما كتبوه.
فمن أهم صفات التي يجب على الخطيب أن يتحلى بها:
أولًا: العلم بالقرآن: إن أول واجب على الداعي الخطيب العلم بالقرآن، والمراد به النظر فيه قبل كل شيء على أنه هدى وموعظة وعبرة، وكذلك السنة، وما صح من أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسيرته، وسيرة الخلفاء الراشدين، والسلف الصالح، والعلم بالقدر الكافي من الأحكام وأسرار التشريع مع الصدق في نشرها.
فإن مرتبة التبليغ عن الله تعالى لم تكن إلا لمن اتصف بالعلم مع الصدق، والمرشد وارث لهذه المرتبة، وليتمكن من تعليم ذلك على الوجه الصحيح، فلا يزيد في عقيدة، ولا يخطئ في حكم، ولا يعجز عن إقناع النفوس المتطلعة إلى معرفة أسرار الأحكام الشرعية، وحينئذٍ يكون الإذعان له أتم والقبول منه أكمل، فأما الخطيب الجاهل فضال مضل، وضره أقرب من نفعه، وما يفسده أكثر مما يصلحه، بل هو لا يصلح أصلًا، إذ لا تمييز لجاهل بين الحق والباطل، ولا معرفة عنده ترشده إلى إصلاح القلوب، وتهذيب النفوس.
يقول الحسن البصري رحمه الله-: "العامل على غير علم كالسائر على غير طريق، والعامل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح" وفي الحِكَم: "من سلك طريقًا بغير دليل ضل، ومن تمسك بغير أصل زل".