سيرته الخاصة والعامة وبكل ما يستطيع من وسائل الداعية هو كاتب وخطيب ومحدث وقدوة يؤثر في الناس بعمله وشخصه، والداعية قائد في محيطه، وسياسي في بيئته، وزعيم لفكرته ومن يتبعه في ناحيته، وكل هذا لا تنهض الخطابة وحدها بحقوقه، فلا بد له من التأثير النفسي، والهيمنة الروحية، والاتصال بالله تعالى واستعانة العقل بما حصل من تجارب التاريخ وأحوال الناس، هذا هو الداعية الصادق.

تخص إيمانه بدعوته في النظرة والحركة والإشارة كما كان يفعل مصعب بن الزبير، وفي السمة التي تختلط بماء وجهه وهو الداعية الذي ينقض كلامه إلى قلوب الجماهير، فيحرك عواطفهم إلى ما يريد من أمر دعوته، وإذا كان هذا لازمًا للرسالات الأرضية على ما فيها من باطل هو ألزم للإسلام؛ لأنه رسالة الحق الخالص، وبين الحق وفطرة الإنسان نسب فكلاهما من عند الله تعالى يقول تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (المائدة: 83).

لذلك يجب أن نهتم بتكوين الخطباء الدعاة، وإعدادهم وتربيتهم، وتنشئتهم على الأخلاق والمبادئ والقيم، والصفات التي يجب أن يتحلى بها.

يقول الشيخ علي محفوظ -رحمه الله- في آداب الإمام والخطيب والداعي: إن الدعوة إلى الله تعالى في الأصل عمل الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين والسادة العلماء نواب عن الأنبياء في هذا الأمر الخطير فهم أمناء الله تعالى على شرعه، والحافظون لدينه القويم والقائمون على حدود الله، والعارفون بما يجب له تعالى من كمال وتنزيه؛ لذلك كانوا أئمة الناس، وقادة الخلق، يسيرون بهم نحو السعادة بما يعلمونه من أمور دينهم، وبما يرشدونه إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015