له إمكانات الكتابة من مزاج معتدل ومراجع حاضرة، ونجوة من النقد المباشر أو السخرية في الوقت الآخر يواجه الخطيب قوم يرونه ويسمعونه بل ويسجلون حديثه، وهم لن يجلسوا بين يديه منصتين حتى يكون قبل ذلك صورة حية لما يدعوهم إليه بقدر ما يتاح للكاتب من ضمانات الفرار من هذه المسئولية؛ لأنه يكتب ولا يراه الناس ولا يتابعونه.

ثم إن الخطيب يواجه إناس لا يمهلونه حتى يرتب معانيه، ويجهز أفكاره المندفعة وقد يورطه ذلك في خطأ أو يحمله على إبداء رأي خطير لا يلق به، وهذا هو الذي حدا بالعلماء أن موقفه عكس الكاتب الذي قد لا يغفلون له زلت هـ لما توفر له ضمانات الإجادة بحيث لا يتوقع منه الخطأ، فإذا وقع فهو موضع المسائلة والعتاب.

إذًا مكانة الخطيب مكانة عظيمة ومسئوليته مسئولية خطيرة؛ لذلك يجب علينا أن نهتم بإعداد الخطيب الداعية، وهذا من أهم موضوعات الخطابة، موضوع إعداد الخطيب الداعية هذا المرسل للرسالة كما يقول علماء الاتصال أو المرسل للرسالة له أهميته وخطورته في تبليغ الرسالة إن أحسن إعداده كان مبلغًا ناجحًا، وإن أسيء إعداده كان ضرره أكثر من نفعه، ولعلك تلحظ أنني أقول الخطيب الداعية بهذا التحديد، ذلك لأن هناك الكثير من الخطباء الذين تتوافر فيهم مقومات الخطيب لم تكن لخطبته ثمرة مرجوة كما هو مطلوب للخطيب الذي يحمل الرسالة بصدق وإخلاص، لهذا أردت بتحديد الخطيب الداعية، أي الخطيب الذي تجري الدعوة في عروقه ودمه كما كان الأنبياء والمرسلون، والدعاة المخلصون لأمة الإسلام.

يقول أحد العلماء: إن الداعية غير الخطيب؛ الخطيب خطيب وكفى، والداعية مؤمن بفكرة يدعو إليها بالكتابة والخطابة والحديث العالي، والعمل الجاد في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015