بفريضة الصلاة وصفوفها أخلاق وفضائل هي لباب الإسلام، أي: إن المسجد كان حلقة الاتصال التي يتم به التعارف والتآلف، وتحت سقفه مارست الدولة الإسلامية مختلف نشاطاتها في مجالات القضاء والإفتاء، كما كان المسجد موئلًا للإغاثة، والخدمة الصحية، والاجتماعية، ومنطلقًا للجيوش، ودارًا للضيافة يستقبل الوفود القادمة.
إذًا فمهمة الخطيب المؤسسة على المسجد وقيمه تأخذ نفس الأهمية القصوى، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيام ة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله تعالى ويتدارسونه بينهم إلَّا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)).
حينما نتأمل هذا الحديث ندرك أن استنزال السكينة والرحمة من السموات العلا، وأن الفوز بصحبة الملائكة لا يتم بمجرد اجتماع بل إنه الاجتماع المحكوم أولًا بالنوايا المخلصة، والمحكوم ثانيًا برائد المسجد الذي لا يكذب أهله، والذي يتحمل مع المجتمعين مسئولية هذه المدارسة التي تجعل لهذا الاجتماع قيمة عملية، وذلك هو الإمام والخطيب.
ولعلنا ندرك أيضًا سر هذه المهمة مهمة الخطيب فيما حكي عن عبد الملك بن مروان قال: "شيبني ارتقاء المنابر وتوقع اللحن، وقيل له يومًا: قد عجل الشيب إليك، فقال: كيف لا يعجل وأنا أعرض عقلي على الناس كل جمعة مرة أو