متعددين، بخلاف الإمام الخطيب فإنه مستمر الاتصال بجمهوره الذي يؤم مسجده دائمًا، وهذا الاتصال كائن من المهد إلى اللحد، ولا مرية أن الاتصال بالغ التأثير في العقول، وشديد المفعول في النفوس، والرأي العام رهين أن يكون أئمته في ميزان الكفر، حتى لا يفقدوا صلتهم بالرأي العام.
إن هناك فجوة تحصل بين الأئمة وبين جمهورهم حين ينقدح في عقول المنصتين إليهم أنهم قطعوا الصلة بين خطبهم والحياة، والأنكى من ذلك أن يكون المستمعون غير مطمئنين لما يسمعون منهم بما يؤدي إليه ذلك من فتور ثم انقطاع الصلة بين الجمهور وإمامه، فالحاضرون يجلسون تلك الحصة وهم يستمعون وقلوبهم لاهية، وآذانهم صاغية، وليست بصاغية لعدم إقبالهم الكلي على الاستماع الصحيح والإنصات والانصراف إلى تفهم ما يلقى عليهم، وللحفاظ على هذا المعنى الذي ضيع في بعض المساجد.
عن سعيد بن المسيب قال: إن أبا هريرة -رضي الله عنه- أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب فقد لغوت)) جاء الحديث في الإنصات بأدق ما يكون حفاظًا عليه، حتى أن الأمر بالمعروف وقت الخطبة منهي عنه مع أنه ضروري وملتزم به، ولو أدى إلى لحوق الأذى بالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، وما ذاك إلا ترغيب إيجابي للجمهور أن يكونوا عند الاستماع إلى الخطبة على المستوى المطلوب، فلا يلهيهم شاغل عن التنبه لكل دقيق وجليل يصدر عن الخطيب فهم في إنصات محكم في حضورهم الجمعة.
وتنبع خطورة رسالة الخطيب من خطورة دور المسجد في المجتمع، ومدى قدرته على الإصلاح، فالمسجد ركيزة للإصلاح وقطب الرحى في عملية التوجيه، لقد كان المسجد ساحة للعبادة، ومدرسة للعلم، وندوة للأدب، وقد ارتبطت