بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده، فعلينا نحن الخطباء أن نحرص على إحياء هذه السنة أن نفتتح خطبنا بخطبة الحاجة؛ تأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أمرنا رب العالمين؛ حيث قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21).
إن الخطبة الدينية -كما سبق بيانه- وسيلة من أهم وسائل الدعوة إلى الله -عز وجل- والدعوة إلى الله تعالى تعني الدعوة إلى الدخول في الدين الذي ارتضاه وهو الإسلام كما قال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة: 3)، وقال سبحانه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران: 19)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85).
ومن خصائص الإسلام الشمول، فالإسلام عقيدة وعبادة، وأخلاق ومعاملة عرف الناس بفاطرهم وبارئهم وأسمائه وصفاته، وعرفهم ما لله عليهم والطريقة التي توصلهم إليه، وما لهم إذا سلكوها ومالهم إذا حادوا عنها، كما شرع الإسلام شرائع تشمل كل نواحي الحياة من حيث السياسة، والاجتماع، والاقتصاد، ونظم العلاقات بين جميع الأفراد العلاقات الأسرية والعائلية والاجتماعية، والدولية، وأمر الله تعالى عباده المؤمنين بقبول كل ما شرع لهم، والدخول في الدين كافة، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (البقرة: 208).
قال جماعة من السلف: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} أي: ادخلوا في الإسلام جميعه وكله، ولا تتركوا منه شيئًا، واقبلوا كل ما شرع لكم من العقيدة