صوره وأبهى حلله، وحسنت أخلاق دارسها، وورثت قلبه الطمأنينة إلى الله، والثقة في منهجه، وأعانته على فهم وتذوق روح ومقاصد كتاب الله عز وجل، واستشعر حلاوة الإيمان ولذة اليقين، وأمدته بقوة البيان الذي يؤثر به في العقول والقلوب، والحجج الساطعة والأمثلة البليغة، التي تعين الخطيب على إثبات ما يريد إثباته من حقائق الإسلام الحنيف.
ثانيًا: سيرة السلف الصالح رأس الأولياء وصفوة الأتقياء، وقدوة المؤمنين وخير عباد الله بعد الأنبياء والمرسلين، جمعوا بين العلم بما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين الجهاد بين يديه، شرفهم الله بمشاهدة خاتم أنبيائه -صلى الله عليه وسلم- وصحبته في السراء والضراء، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله عز وجل، حتى صاروا خيرة الخيرة وأفضل القرون بشهادة المعصوم -صلى الله عليه وسلم- فهم خير الأمم سابقهم ولاحقهم وأولهم وآخرهم، هم الذين أقاموا أعمدة الإسلام بسيوفهم وشادوا قصور الدين برماحهم، واستباحوا الممالك الكسروية وأطفئوا الملة النصرانية والمجوسية، وقطعوا حبائل الشرك من الطوائف المشركة عربية وعجمية، وأوصلوا دين الإسلام إلى أطراف المعمورة شرقها وغربها ويمينها وشمالها، فاتسعت رقعة الإسلام وطبقت الأرض شرائع الإيمان، وانقطعت علائق الكفر وانفصمت أوصاله، ودان بدين الله سبحانه الأسود والأحمر والوثني والملي.
أولئك قوم شيد الله فخرهم ... فما فوقه فخر وإن عظم الفخر
سلام من الرحمن نحو جنابهم ... فإن سلامي لا يليق ببابهم
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إن الله تعالى اطلع في قلوب العباد فاختار محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فبعثه برسالته، وانتخبه بعلمه، ثم نظر في قلوب العباد بعد فاختار له أصحابًا، فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه". فعلى الخطيب أن يعنى بدراسة سيرة الصحابة والتابعين، بعد سيرة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم.