فإن هذا الكتاب المبارك بفضل الله عز وجل قد أحسن الإمام النووي -رحمه الله- في ترتيبه، على الأبواب التي نحن كخطباء نتعايش معها، ونعيشها دائمًا في كل خطبة وفي كل موعظة.

ومن شأن الإمام في ذلك الكتاب أنه يصدر الموضوع بالآيات المناسبة من القرآن، ثم يعقب عليها بالأحاديث الصحيحة، فإذا حفظ الخطيب القرآن الكريم، ثم حفظ هذا الكتاب المبارك (رياض الصالحين) كان معه ذخيرة حية قوية كثيرة من القرآن الكريم، ومِن أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام- فما عليه في أي خطبة أو في أي موعظة إلا أن يرتب الآية بعد الآية والحديث بعد الحديث، ويصل بين الآية والحديث بكلمة أو كلمات، وإذا به قد خرج بأثر كثير في قلوب الناس؛ لأنه لم يخرج منه إلا قال الله، قال رسول الله، وكلام الله كله بركة ورحمة وكلام رسول الله كله بركة ورحمة، وكلام الله كله نور وكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كله نور، ألا ليت شعري متى يعلم الخطباء أن زمان الإنشاء قد انتهى، وأنه يجب علينا أن نعود إلى كتاب ربنا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم.

كذلك يستمد الخطيب خطبته من دراسة السيرة والتاريخ، وأقصد بالسيرة:

أولًا: سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ودراسة كل ما يتصل بحياته -صلى الله عليه وسلم- ونشأته وبعثته، ودراسة دعوته ومراحلها المختلفة، وأساليبه في الدعوة ومنهجه في الدعوة والتربية والتعليم، وجهاده في سبيل نشر الدين الذي بعثه الله به، وأخبار هجرته وغزواته ومعاركه، إلى غير ذلك مما يتصل بحياته -صلى الله عليه وسلم- من ميلاده إلى وفاته، والاستفادة من ذلك، والسير بالدعوة والتحرك بهذا الدين في ضوء هذه السيرة.

ومن عاش مع هذه السيرة العطرة دراسة وتأملًا واتعظ واعتبر واتبع واقتدى؛ أعانته على طاعة الله -عز وجل- الطاعة المثلى، وأرشدته إلى الكمال الإنساني في أوج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015