ينبغي أن يستمد الخطيب عظته ونصحه من النصوص الشرعية والعلوم الكونية والفضائل النفسية. والخطابة الإسلامية الرشيدة هي التي تستمد من القرآن الكريم والسنة المحمدية، والنصوص الصحيحة وتسير في ضوئها. ولنا في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- خير قدوة وأفضل توجيه، فكثيرًا ما كان يخطب بالقرآن الكريم. وفي (صحيح مسلم) عن أم هشام بنت حارثة قالت: ((ما أخذت {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (ق: 1) إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرؤها كل جمعة إذا خطب الناس)) وكان عمر -رضي الله عنه- يخطب أحيانًا بسورة "النحل".
فالقرآن الكريم والسنة الشريفة والنصوص الصحيحة وأقوال السلف الصالح؛ هي المصادر التي ينبغي أن تستمد منها الخطابة الإسلامية، وتلك هي الروافد الدافقة التي تمد الخطابة في الإسلام، وهي الينابيع الصافية التي ينبغي أن يجعلها الخطيب مصدر روائه وغذائه.
ولا غرو؛ فمن معاني القرآن الكريم تنفجر ينابيع الخطابة الصحيح، والخطابة المستمدة منه هي وقود النهضة الرشيدة، وضياء أمة تريد أن تستقيم على دربها، إذ إن أسلوبه في خلق الضمير الزكي والفكر الراقي وتقويم السلوك المعوج يكفي ويغني، ويشفي ويهدي للتي هي أقوم، كما قال من أنزله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء: 9).
كما أن للقرآن قدرة فذة على قيادة الناس إلى الحق، وعلى استثارة أفكارهم، واستضاءة مشاعرهم، والسمو بهم إلى كل ما هو خير. ولم يكن الوعاظ والمذكرون في صدر الإسلام يذهبون إلى أبعد من الكتاب والسنة في توجيهاتهم