ثانيًا: أن أرتب مقدمات الحديث وأساليب النقاش، مستعدًا للرد على كل ملاحظة يمكن أن تثار.
ثالثًا: أن أكون مرنًا ولبقًا في كل ما يوجه إليَّ من كلمة أو رأي معارض.
رابعًا: أن أستعد بالأسلوب الشيق السهل والكلمات ذات المعنى الأكثر تعبيرًا عن الفكرة، وهكذا وعلى ضوء هذا من الممكن أن تعد الخطبة.
وعلى الخطيب أن ينظر في ما حوله من الأمور المهمة، والأحداث اليومية التي تشغل الناس في أحاديثهم، وتدور على ألسنتهم ولها آثار بينة بينهم، ثم يتخير من هذه الحوادث أجلها ويجعلها موضوع خطبته ومدار عظته، ثم يستحضر ما ورد من الآيات والأحاديث الصحيحة في الموضوع الذي اختاره، ويفكر إن كان موضوع التنفير من الرذيلة في الأضرار التي تنشأ عنها، ويتوسع في فهم هذه الأضرار، ويستحضر الألفاظ والأساليب التي تخص موضوع خطبته، فإن كان موضوعه مثلًا: التنفير من شرب الخمر؛ يفكر في الأضرار الصحية والمالية والخلقية والاجتماعية، فوق ما أعد الله تعالى من العقاب لشارب الخمر، وإن كان موضوعه دعوة إلى عمل نافع؛ يفكر في آثاره الجليلة ومنافعه الجزيلة في الدنيا، وما أعده الله في الآخرة من النعيم لفاعله.
فإذا أراد الكلام في حث الناس على تكوين جمعية للبر بالفقراء، فكَّر في آثار هذا العمل في نفوس الفقراء وفي معيشتهم وحالتهم الاجتماعية، وفي هذا أيضًا يصرفهم عن التفكير في سلب أموال الناس وإقلاق راحتهم، فتستقر النفوس ويستتب الأمن وتصفو الحياة، ويفكر في الثناء الذي تنطق به الألسن على هؤلاء الخيرين، والذكر للإنسان عمر ثاني، ثم يفكر في أن هذا العمل يجعل الأغنياء والفقراء متحابين، تشيع بينهم المودة والمحبة، متضامنين يشعر كل واحد منهم