بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث
(عناصر الخطبة)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
تركيب الخطبة: ف بعض الناس يتصورون أن إلقاء الخطبة عملية سهلة، ويكفي فيها صوت جهير أو رجل جريء، يحفظ القرآن أو بعضًا من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم، أو يحفظ مقاطع من النثر أو أبياتًا من الشعر، يستطيع بها أن يفهم المستمعين أنه يجيد الخطبة ويحسن التعبير، ولكن الحقيقة غير ذلك؛ فالخطابة لها شروط، والخطبة ليست عملية سهلة هينة، وليست مجرد كلام يقال دون ترتيب أو تبويب أو تنظيم، ولكنها أمر شاق يحتاج إلى وقت وجهد، كما أن الذين يستمعون لها إنما هم بشر لهم عقول تحكم، ولهم أرواح تحس، ولهم نفوس تتذوق، ولذا يتحتم على الخطيب -حين يريد أن يخطب- الاستعداد والإعداد لهذا الكلام الذي لا بد أن يكون له معنى، وأن يقصد من ورائه إقناع الجمهور واستمالتهم إلى مقولته، ولذا كان عليه أن يتصور هذه الخطبة بوجدانه قبل أن يلقيها، وأن يفكر في عناصرها ويركزها بعقله قبل أن ينطق بحرف منها، وأن يقف على الأدلة والبراهين التي سيوردها خلال إلقائها، ويهيئ ويرتب أسلوبه وبيانه الذي سيحدث به المستمعين.
فالخطبة لا بد أن تكون متسلسلة منظمة، وأن تكون واضحة البيان في أسلوبها حتى تقنع المستمع، وتستميله بأدلتها. وإذا لم يكن من إعداد الخطبة بد فكيف يعد الخطيب الخطبة؟ أقول: هب أنني مقبل على حديث مع مسئول كبير لي عنده حاجة، فماذا أفعل؟ إنه عليَّ -والحالة هذه- عدة أمور:
الأول: أن أستبين الموضوع الذي سأتكلم به إليه، وأحدد غايتي منه تحديدًا كاملًا.