درجة تجهد السامعين، والسرعة إلى درجة تتطاير معها الحروف وتتآكل معها الكلمات، والبطء إلى درجة تستدعي التثاؤب والنعاس، والعبث باللحية وفتل الأصابع والإكثار من السعال بغير مبرر، والإثارة واضطراب الأعصاب وسوء المظهر، إلى غير ذلك مما يخل بشخصية الداعية ويضعف مهابته، ويجعله محل نقد ومثار سخرية.
كما أن علم الخطابة يعرف الخطيب ما ينبغي أن يكون عليه وهو يتكلم، بأن يكون قوي الملاحظة حاضر البديهة طليق اللسان، رابط الجأش مراعيًا مقتضى الحال، قوي الشخصية؛ وذلك ليحرص على التحقق بها ويعمل بمقتضاها؛ ليستمر عطاؤه ويؤثر كلامه ويحقق الخير والعز والسيادة لأمة الإسلام.
يضاف إلى هذا أن علم الخطابة يعرف طلاب الدعوة -الذين لم يسبق لهم أن يمارسوا التحدث ولا المحاضرة ولا الخطابة- طرق التحضير وتهيئة الموضوع من جميع نواحيه، ويعد لهم من جميع جوانبه ويشبعه بحثًا ودرسًا وشواهد، حتى يستطيع أن يدلي بحجته فيصيب المرمى وينال السبق، ويبلغ الغاية ويؤثر في الناس بهز المشاعر وتحريك أوتار القلوب، ويبين لهم الخطوات الموصلة إلى الارتجال في الخطابة، والبواعث التي تثير انتباه الجمهور إليه، وتبدد ظلام اليأس في نفوس المخاطبين، ويشرق فيها نور الرجاء والأمل.
وعلم الخطابة بهذا ينير الطريق أمام من عنده استعداد للخطابة ليربي ملكاته، وينمي استعداداته، ويخلصه مما عنده من عيوب، ويرشده إلى طريق إصلاح نفسه ليسير في الطريق ويسلك السبيل.
فهذا العلم هذه وظيفته أن ينير الطريق للخطيب، ولكنه لا يحمله على السلوك، فهو يرشد دارسه إلى مناهج ومسالك ولا يحمله على السير فيها، وهو يعطيه