بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الأول
(مقدمة في الخطابة)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فاعتقد الأقدمون أن للخطابة علمًا له أصول وقوانين من أخذ بها عد خطيبًا، وعرفوا هذا العلم بأنه مجموع قوانين تعرف الدارس طرق التأثير بالكلام وحسن الإقناع بالخطاب، فهو يعنى بدراسة طرق التأثير ووسائل الإقناع، وما يجب أن يكون عليه الخطيب من صفات، وما ينبغي أن يتجه إليه من المعاني في الموضوعات المختلفة، وما يجب أن تكون عليه ألفاظ الخطبة وأساليبها وترتيبها.
إن علم الخطابة هو العلم الذي يعرف الداعية الخطيب كيف يخاطب الناس ويقنعهم ويجذبهم ويرغبهم ويرهبهم، وكيف يتكلم بتؤدة وتمهل حتى يفهم الناس منه ويعقلوا عنه، وكيف تكون خطبته لمستمعيه بما تتناسب مع عقليتهم وثقافتهم وما تتفق مع أعمارهم ولهجاتهم، حتى يستحوذ على نفوس المخاطبين ومشاعرهم، ويكون له في المجتمع أثر وفي مجال الإصلاح تغيير. كذلك يعرف الدارس كيف يملك قلوب المخاطبين ويشدهم إلى تقبل الحق، ويدفعهم إلى الالتزام ويحرك عزائمهم ويستثير وجدانهم، وذلك باستعمال النداءات الاستعطافية والمخاطبات التشويقية.
وهذا العلم الذي يعرف الداعية الخطيب عيوب الخطيب ليتحاشاها ويبتعد عنها؛ كعيوب النطق والحركات الكثيرة والمبالغة في الإشارات، والمواقف التمثيلية المتكلفة، والغلو في رفع الصوت إلى درجة تصك الآذان، والهمس إلى