ومن أشهر خطباء العصر الحديث في الغرب العالم الغربي "دوتلي مودي". كيف حضر هذا العالم خطبه التي جعلته مشهورًا عبر التاريخ؟ قال مجيبًا عن هذا السؤال: "ليس لدي أي سر حين أختار موضوعًا أكتب اسمه على مغلف كبير، لدي الكثير من تلك المغلفات، فإذا وجدت أثناء القراءة شيئًا جيدًا حول الموضوع الذي سأتحدث عنه أنقله إلى المغلف الصحيح وأضعه جانبًا، ودائمًا أحمل معي دفتر ملاحظات، فإذا استمعت إلى عبارات أثناء أي احتفال -تلقي ضوءًا على الموضوع- أسجلها ثم أنقلها إلى المغلف، وربما تركته جانبًا لمدة سنة أو أكثر. وحين أريد أن ألقي خطبة أتناول ما أكون قد جمعته، فأجد مادة كافية مما أجده هناك، إضافة إلى اجتهادي الخاص".
ويقول "آدوين جايبس": "إن الخطب المجيدة هي تلك التي تتسلح بمادة احتياطية وافرة وفائضة، وهذه المادة الاحتياطية من المعلومات لا تتم ولا تتوطن عند الخطيب؛ إلا بتحضير موضوع الخطبة تحضيرًا دقيقًا، وإعداده إعدادًا جيدًا قبل مجيء موعد الخطبة بوقت كاف، وهذا التحضير والإعداد لموضوع الخطبة يعطي الخطيب فرصة كبيرة للتأثر بخطبته، والتأثير بها في غيره، كما يعطي الخطبة بهاءً وجمالًا من حيث أسلوبها وكلماتها.
أما الأساليب الخطابية المرتجلة فهي أقل بهاء ورونقًا من المُعَدَّة والمحضرة، وكذلك الأفكار المرتجلة فهي فجة مبتسرة، إذا قيست بالأفكار المدروسة الناضجة المختمرة. ثم إن ظهور الخطيب بمظهر المجازف الذي لم يعد الخطبة فيه اعتداد بالنفس، واستهانة بالحاضرين، وتبجح بعدم الاهتمام، ودعوى أن خاطر الخطيب أسرع من خواطر الناس، وهذه كلها صفات لا ترتضيها الجماعات.