إن الخطيب المتصرف المجيد لا يضل في تمييز هذه الأصو ات إذا جعل دليله ما يشعر به من هذه المعاني، وما ير اه من الناس في محادثاتهم المعتادة في رفع أصواتهم أو خفضها، فإن المحادثات المعتادة هي الحاكية الصادقة الحكاية للأمر المألوف والذوق المعروف، فليكن في تغيير صوته صورة مكبرة، مزينة، مجملة بجيد التعابير لما يجري بين الناس، فإنه إن فعل ذلك كان صادرًا في نغماته عن إحساسهم ومشاعرهم وذوقهم العام.
أما الدكتور عبد المنعم أبو شعيشع فقد حدثنا وحذَّرنا عن الإسرائيليات والموضوعات والمنكرات التي ابتُلي بها كثيرٌ من الخطباء في خطابهم الدعوي، فقال: ينبغي أن تكون الموعظة ثابتة الأصول، باسقة الفروع، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وسبيل ذلك التمسك بالصحيح، وترك الأحاديث الواهية والمنكرة والموضوعة والروايات الضعيفة، ففي مجال التفسير يجب على الداعية أن يعرض عن الإسرائيليات.
يقول الدكتور: لما عجز اليهود عن مقاومة الإسلام عسكريًّا لجئوا إلى الغزو الثقافي، ودس الإسرائيليات المنكرة في كتب التفسير حتى امتلأت بها، وذلك -أي: تحريف الكلم- من أخلاقهم السيئة كما وصفهم الله تعالى. والذي دعا المسلمين عن الأخذ عن بني إسرائيل ما فهموه من حديث البخاري عن عبد الله بن عمر مرفوعًا: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار)).