والثقافة الإسلامية الشاملة، حتى يسلموا بما يحدثهم، ويصدقوا أخبار الوحي فيها.
ومن أجل هذا أمر نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- كل مَن يتصدى للتعليم والدعوة والإرشاد أن يحدث الناس بما يعرفون ويفهمون حتى لا يكذب الله ورسوله. روى البخاري في صحيحه عن علي -رضي الله عنه- موقوفًا: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ ".
فما على الداعية الموفق إلا أن يأخذ بهذا المبدأ العظيم: "أمرنا أن نحدث الناس على قدر عقولهم" إن أراد ذلك الداعية أن يكون من الدعاة المرموقين، ومن رجال الدعوة المعدودين، ومن يؤتَى الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا.
ومن أهم ما يجب على الداعية أن يراعيه في خطابه الدعوي: البدء بالأهم قبل المهم إن الداعية لا ينجح في دع وته ولا يكون موفقًا في تبليغه، حتى يعرف مَن يدعوهم، وكيف يدعوهم؟ وماذا يقدم معهم؟ وماذا يؤخر؟ وما القضايا التي يعطيها أهميةً وأولويةً قبل غيرها؟ وما الأفكار الضرورية التي يطرحها ويبدأ بها؟
هذه الطريقة في الدعوة -طريقة البدء بالأهم قبل المهم- هي طريقةُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- والذين اتبعوه بإحسان، فلقد مكَثَ -صلى الله عليه وسلم- في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى "لا إله إلا الله" وحينما هاجر إلى المدينة وأخذ في إيفاد رسله إلى الدول والبلاد المجاورة للدعوة، أمرهم كذلك أن يبدءوا بما بدأ به.
أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذًا إلى اليمن، قال له: ((إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك،