أو حديثه؛ حتى لا يأكل الكلام بعضه بعضًا، وحتى لا تختلط على المستمعين الحقائق والأفهام.
ثالثًا: النهي عن التكلف في الفصاحة:
فمن أدب الداعية في التحدث أن يبتعد عن التنطع في الكلام، والتكلف في الفصاحة، والتشدق بالحديث، والثرثرة باللسان. فقد روى أبو داود والترمذي بسند جيد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله -عز وجل- يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها)) وإذا تحقق الداعية بهذا الأدب فيكون قد تأسَّى بسيد الدعاة -صلى الله عليه وسلم- فقد روى الشيخان عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم سلَّم عليهم، وكان -صلى الله عليه وسلم- يتكلم بكلام الفصل، لا هزر ولا نزغ، ويكره الثرثرة في الكلام، والتشدق به)) أي: التكلف.
وكم يكون الداعية محجوبًا لدى سامعيه حين يتحدث عليه أمرات التشدق وظواهر الثرثرة، وكأنه يقول للناس: هل عرفتم من حديثي كم أنا خطيب؟!! هل عرفتم من كلامي كم أنا بليغ؟!! هل عرفتم من أسلوبي كم أنا فصيح؟!! فإذا لم يكن هذا رياء، فما هو الرياء؟ نعوذ بالله.
ألا فليحذر الدعاة من مزالق الشيطان ودبيب الرياء، وليتركوا الحديث ينطلق من ألسنتهم على سجيته وطبيعته بدون تنطع ولا تكلف إن أرادوا أن يكونوا في أعمالهم من المخلصين، وفي أحاديثهم من المقبولين المؤثرين.
رابعًا: التحدث بالحديث الذي ليس بالطويل ولا بالقصير:
فمن أدب الداعية في التحدث أن يكون في حديثه مقتصدًا معتدلًا بحيث لا يصل الأمر في التحدث إلى الاختصار المخل، ولا إلى التطوال الممل؛ ليكون الحديث