ولكن ماذا يصنع الداعية إذا كان في بيئة لا تعرف التفاهم بالفصحى، ولا تفهم التخاطب بالعربية الأصيلة؟
نقول: إذا استطاع الداعية أن يبسط حديثه ويوضح أسلوبه بشكل يعي الناس منه ويفهموا عنه فليفعل، وإن لم يستطع فيجد نفسه مضطرًّا إلى أن يتكلم بالأسلوب الذي يناسبهم واللغة التي يفهمونها واللهجة التي يدركون مغزاها، فلا بأسَ، فهذا من باب: أمرنا أن نحدث الناس على قدر عقولهم.
ثانيًا: التمهل بالكلام أثناء الحديث:
من أدب الداعية حين يريد التحدث أن يتحدث بتؤدة وتمهل حتى يفهم الناس عنه، ويعقلوا ما سمعوا منه، وهذا ما كان يفعله الداعية الأكبر -صلوات الله وسلامه عليه- تعليمًا للدعاة، وإرشادًا لمن يتصدون لتعليم الناس.
روى الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسرد الحديث كسردكم هذا، يحدث حديثًا لو عده العادُ لأحصاه)) ولكن هناك فرق كبير بين تحدث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين تحدث الداعية، والفرق ملحوظ في أمرين هامين:
أحدهما: الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أوتي جوامع الكلم، وأكثر أحاديثه كلمات معدودات، والداعية مهما كان بليغًا على خلاف ذلك تمامًا.
ثانيهما: النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى، بل كل أقواله وأحاديثه تشريع لأمة الإسلام، والداعية مهما كان حكيمًا ليس كذلك.
وإذا كان هذا هو الفرق فبِود الداعية أن يطنب في كلامه، وأن يتعجل في حديثه، ولا سيما في المواقف التي فيها تفاعل وإطناب، كالحث على الجهاد، أو التحدث في مناسبات الشدائد والأزمات، ولكن على الداعية أن لا يسرع كثيرًا في خطبته