الأصل في الداعية المسلم -بغض النظر عن لونه أو جنسه أو لغته- أن يتكلم باللغة العربية الفصحى، باعتبار أن هذه اللغة هي شِعار الإسلام، ولغةُ القرآن، وباعتبار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عربي، وكلام أهل الجنة عربي، والأمة التي حملت إلى الدنيا رسالة الإسلام في الصدر الأول كانت تتكلم العربية. وقد قال معاذ بن جبل أو قد ألمح إلى ذلك الحافظ ابن عساكر عن مالك حيث قال: "يا أيها الناس، إن الرب واحد، وإن الأب واحد، وإن الدين واحد، وليست العربية من أحدكم بأب ولا أم، وإنما هي اللسان، فمَن تكلم بالعربية فهو عربي".
فإذا كان الأمر كذلك، فعلى الداعية المسلم إذا وُجِد بين قوم يحسنون اللغة العربية ويفهمونها فهمًا تامًّا، أن يتكلم اللغة العربية الفصحى، وعليه ألا يعدل عنها إلى لغة أخرى ولو كان القوم الذين يدعوهم يتكلمون بلغة غير العربية؛ لأن اللغة العربية -كما أشرنا- هي شعار الإسلام ولغة القرآن، فلا يجوز أن يتخذ الداعية غيرها بديلًا في غير ضرورة. فمن الجحود للغة القرآن أن يعدل القادر على النطق بها إلى لغة أخرى، أو يتكلم مَن يحسن الفصحى بلغة عامية محلية لا تمت إلى العربية الأصلية بصلة ولا نسب، وزينة المسلم فصاحة لسانه، وجماله حلاوة منطقه، ولا تتأتى هذه الفصاحة وهذا الجمال إلا بهذه اللغة الأصيلة الخالدة التي اختارها الله لأمة الإسلام، وحملة القرن.
فعلى الخطيب أن يحرص على لغته، وسلامة منطقه، وأن يبتعد عن اللحن، وأن يعلم أن كثيرًا من جمهوره ينقدونه في أخطائه اللغوية وإن كانوا لا يعرفون القواعد، فقد قالوا: الأذن مجاجة. وعلى الخطيب أن يتذكر أن جمهوره لا يخلو وإن قل من أساتذة في اللغة يضيقون ذرعًا بلحن الخطيب وهو يخطب وهم جالسون.