يقول الدكتور محمود محمد عمارة في بيان أهمية الخطابة: "والخطابة فوق ذلك كله سلاح من أسلحة الدعوة يحق الله به الحق ويبطل الباطل. وعندما يكثر المبطلون في الأرض ويظهر شرهم في البر والبحر؛ فإن الخطيب واحد من الذين يتصدون لهذا الشر كسرًا لشوكته، مع غيره من رفاق السلاح على طريق الحق.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيان موضع الخطيب المجاهد بلسانه مع إخوة له: ((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا ي فعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)).
ولو تأملت موقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في قضية المرأة المخزومية التي سرقت، وجاء أسامة بن زيد ليشفع لها، لو تأملت هذا الموقف لتبين لك دور الخطبة الرئيسي في التربية. لقد أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على أسامة -وهو حبه وابن حبه- أنكر عليه شفاعته قائلًا: ((أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قام فخطب فقال: أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)).
والناظر في الخطب النبوية يجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا بالخطبة إلى العقيدة الصحيحة، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، والتحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل، ومواجهة الأعداء بالجهاد والنضال، وكذلك فعل الصحابة -رضي الله عنهم- من بعده، وفعل التابعون لهم بإحسان.
وبالخطبة أيضًا دافع النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحق، وهاجم الباطل، وألزم الخصوم، وأفحم المعاندين ورد كيدهم في نحورهم، وكتب السنة والسيرة فيها ما يثبت ذلك بفضل الله عز وجل".