الناس إلى الحقائق، وحملهم على ما ينفعهم في العاجل والآجل، وفوائد الخطابة جمة؛ فالخطابة تنقل السامع من موقف إلى آخر، ومن عقيدة إلى أخرى باعثة في السامع نزعة للعمل الإيجابي فيما كان يقف موقفًا سلبيًّا، فغاية الخطابة هي تحويل الأفكار الذهنية الجامدة إلى عواطف متحركة.
إنها مهمة الأنبياء ووظيفة المرسلين والخلفاء والمصلحين، من قام بها على الوجه الأحسن والأكمل كان من الرابحين الفائزين، وهل كان شغل الأنبياء والمرسلين إلا دلالة الخلق على الله، وحثهم على الخير ونهيهم عن الشر، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتذكيرهم بين الحين والحين بما يصلحهم في دنياهم، ويسعدهم في عقباهم، وعن طريق الخطابة ترد النفوس إلى باريها، ويوصل المنقطعون بخالقهم، ويهتدي التائه الحيران، ويسكن القلِق ويطمئن المضطرب، ويعرف الناس غايتهم، ويزيد التقي تقًى والمهتدي هدًى، ويقوى الضعيف ويعز الذليل ويجتمع الشتات وتتوحد الصفوف.
إنها زاد للأرواح وغذاء للعقول وتربية للأبدان، وبها تزكو النفوس وتعبد بارئها ومولاها، وتفر إليه وتحب طاعته، وتحرص على نيل مرضاته، وتمقت مخالفته، وتكره عصيانه. وبالخطابة تفض المشاكل وتقطع الخصومات، ويرفع الحق ويهدم الباطل، ويقام العدل وترد المظالم، وبالخطابة يتعاون الناس على البر والتقوى، وينصر المظلوم ويغاث المستغيث ويعان المحتاج.
إن الخطابة هي لسان الهداية والدعامة الكبيرة التي تهدم الباطل، وتحرر الأرض ومن عليها من رق العبودية لغير الله عز وجل، ولهذه المنزلة للخطابة في الإسلام عدت من شعائره الكبرى.