نزلت هذه الآيات لترد على واحد من المشركين أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي يده قطعة من العظم قديمة بالية ضعيفة، فوضعها بين كفيه، ففركها، ثم ذرَّها في الهواء، ثم قال: يا محمد، تزعم أن ربك يحيي هذا العظم بعدما رم؟!! فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم، ويبعثك ويدخلك جهنم)) فأنزل الله -سبحانه وتعالى- هذه الآيات.
وعندما جاء بعض المشركين وقالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا محمد، أرِنا مَن يشهد لك أنك رسول الله، فإنَّا لا نرى أحدًا نصدقه، ولقد سألنا عنك أهل الكتاب، فقالوا: إنه ليس لك عندهم شيء في كتبهم، فأنزل الله تعالى في الرد عليهم قوله:} قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ {(الأنعام: 19).
وعندما اندس بين المسلمين من قبيلتي الأوس والخزرج يهودي حاقد، وأخذ يذكرهم بالحروب التي كانت بينهم في الجاهلية، وأنشدهم بعضَ ما قالوه من أشعار خلال تلك الحروب، وكاد بعضهم أن يعرض القتال على غيره، بلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فخرج إليهم مسرعًا ومعه بعض أصحابه، فكان مما قاله لهم: ((يا معشر المسلمين، اللهَ اللهَ!! أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله إلى إسلامه، وأكرمكم به، وقطع عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألَّف به بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه في الجاهلية؟!!)) فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من أعدائهم اليهود، فألقوا السلاح من أيديهم، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضًا. وأنزل الله -تبارك وتعالى- في ذلك قوله:} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ