ومن توجيهات الإسلام ما يجعلهم يحافظون على هذه النعم، ويشكرون الله خالقهم عليها؛ لكي يزيدهم منها، وإن نزلت بهم بعض المصائب والأحزان والمتاعب الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها، ركَّزَ حديثه أو كتابته على ألوان العلاج الناجح، والدواء السليم، الذي من شأنه أن يعمل على تخفيف تلك المصائب أو إزالتها، فما من داء إلا وله دواء، وما من عسر إلا يعقبه يسر، ما دام هناك اعتماد على الله -سبحانه وتعالى- وعلى أداء تكاليفه، وعلى مباشرة الأسباب التي شرعها سبحانه للنجاح.
ولقد وضح لنا الخالق -عز وجل- سنةً من سننه التي لا تتخلف، فقال:} فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا {(الشرح: 5، 6) ففي هاتين الآيتين ما فيهما من التسلية لكل ذي عقل سليم؛ لأنه ما من شدة إلا ويعقبها الفرج، وما من هم أو غم إلا وينكشف، وتحل محله المسرة، وما من عسر إلا ويأتي بعده اليسر، متى توكل الإنسان على خالقه، وأدى ما أمره به، وابتعد عما نهى عنه، وصبر الصبر الجميل، وتسلح بالعزيمة القوية، وبالإيمان العميق بقضاء الله وقدره، وسلك المسالك التي تؤدي إلى النجاح في أقواله وفي أفعاله وفي تفكيره، وفي كل شأن من شئونه.
لقد أكد الله -سبحانه وتعالى- هاتين الآيتين بأداة التأكيد، وهي حرف "إنَّ" {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} لأن هذه القضية قد تكون موضع شك خصوصًا بالنسبة لمن تكاثرت عليهم الهموم وألوان المتاعب، فأراد -سبحانه وتعالى- أن يؤكد للناس في كل زمان ومكان أن العسر اليسر لا محالةَ، وأن الفرج يأتي بعد الضيق لا شك في ذلك، فعليهم أن يقابلوا المصائب والنوازل بثبات لا اضطراب معه، وبأمل كبير في تيسير الله وفرجه ونصره.