إن الخطاب الدعوي إذا كان مشتملًا على هذه الوصايا التي جاء بها القرآن الكريم، ومشتملًا علي غيرها مما لا يحصى من هدايا حكيمة، ومن أمثال بليغة، ومن أحكام قويمة، ومن آداب فاضلة، ومن قصص زاخرة بالعظات، ومن توجيهات سامية تحبب الناس في مكارم الأخلاق وتنفرهم من رذائلها، إذا كان الخطاب الدعوي مشتملًا على هذا الفيض القرآني الزاخر بكل ما يُسعد الناسَ في دنياهم وأخراهم، كان خطابًا له آثاره الطيبة، وله ثماره الحسنة التي تجعل أبناء الأمة يصلحون في الأرض ولا يفسدون، ويبنون ولا يهدمون، ويجمعون ولا يفرقون، ويتعاونون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
إن لله تعالى سننًا في خلقه لا تتغير ولا تتبدل قررها القرآن الكريم في مواطن كثيرة، منها قول ربنا سبحانه:} إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ {(الرعد: 11)، ومنها قوله سبحانه:} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا {(الكهف: 30)، ومنها قوله -عز وجل-:} فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {(الزلزلة: 7، 8).
فأول ضابط من ضوابط الخطاب الدعوي: أن يكون مشتملًا على كم هائل من كلام رب العالمين -سبحانه وتعالى.
كذلك من ضوابط الخطاب الديني الدعوي: اشتماله على الأحاديث النبوية الشريفة التي فيها ما فيها من التوجيهات القويمة، ومن الأحكام الجليلة، ومن الآداب الرفيعة، ومن الفضائل العظيمة التي يؤدي الالتزام بها إلى السعادة في الدنيا والآخرة؛ وذلك لأن السنة النبوية المطهرة هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم للشريعة الإسلامية، والسنة النبوية المطهرة هي ما صدَرَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير.