فأما القول: فمثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)).
وأما الفعل: فكأفعاله -صلى الله عليه وسلم- في وضوئه وصلاته وفي حجه، وفي غير ذلك من العبادات. ومن الأفعال التي واظب عليها فأفادت وجوب اقتدائنا به، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه)) وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وقوله -صلى الله عليه وسلم- حين أراد الحج: ((خذوا عني مناسككم)).
وأما التقرير: فمعناه أن يفعل بعض الصحابة فعلًا، فيقرهم عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا ينكره عليهم، ومن ذلك: إقراره في أعقاب غزوة الخندق لمن صلى العصر في الطريق قبل أن يصل إلى ديار بني قريظة، ولمن صلاها في ديارهم. ففي الحديث الصحيح عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الأحزاب: ((لا يصلين أحدًا العصر إلا في بني قريظة، فأدركهم العصرُ في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتي ديار بني قريظة، وقال بعضهم: بل نصلي؛ لأن الشمس أوشكت على الغروب، فذُكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فأقر كل فريق على ما فعله)).
ومن ذلك أيضًا: إقراره -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل وقد سأله: ((بم تقضي يا معاذ إذا عرض لك قضاء؟ -وكان ذلك عند إرساله إلى اليمن - فقال معاذ: أقضي بكتاب الله، فقال -صلى الله عليه وسلم- فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأي ولا آلو)) أي: لا أقصر في الاجتهاد.
ومن المعلوم عند أولي العلم أن السنة وحي من الله تعالى كالقرآن، إلا أن القرآن وحي من الله تعالى بألفاظه ومعانيه، أما السنة النبوية فهي وحي من الله تعالى بمعناها، أما ألفاظه فبإلهام من الله تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم.